عقب انتهاء جلسات الحوار الفلسطيني القيادي والمؤرخ والمفكر الفلسطيني اللواء محمد أبو سمرة رئيس تيار الاستقلال الفلسطيني ورئيس مركز القدس للدراسات في حوار خاص
– الإنتخابات الفلسطينية ستواجه أكبر عقبة إذا لم تتم الاستجابة الكاملة لجهود مصر.
– نحن بحاجة إلى إعادة ترتيب علاقتنا مع محيطنا العربي وإزالة سنوات ترامب العجاف .
في الوقت الذي تستعد فيه الفصائل الفلسطينية لإجراء الانتخابات التشريعية بعد التفاهمات التي توصلت إليها خلال حوار القاهره الذي رعته مصر أدلى القيادي والمؤرخ الفلسطيني اللواء محمد أبو سمرة رئيس تيار الاستقلال الفلسطيني ورئيس مركز القدس للدراسات بحوار خاص تناول فيه وجهة نظره إيذاء التطورات الراهنة على الساحة الفلسطينية وفيما يلي نص الحوار :
ــــ كيف تُقيِّم مخرجات حوار القاهرة؟ وما الفرق بينه وبين الحوارات السابقة التي تم عقدها من قبل؟
إنَّ نجاح جلسات الحوارات الفلسطينية الأخيرة التي استضافتها القاهرة، تحت رعاية فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي حفظه الله، أمر في غاية الأهمية، وانجاز تاريخي وقومي ووطني يضاف إلى رصيد الشقيقة الكبرى مصر، ورئيسها القائد القومي والوطني والعربي الشجاع فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، وقيادتها الحكيمة وأجهزتها السيادية الباسلة، وخاصة رئيس وقيادة جهاز المخابرات العامة المصرية، فيما يتعلق بدور مصر المركزي في احتضانها ورعايتها للقضية الفلسطينية، ومساندتها ودعهما للقيادة الشرعية والتاريخية الفلسطينية بقيادة فخامة الرئيس محمود عباس، ودعمها لنضال وكفاح وصمود وصبر ورباط ومطالب الشعب الفلسطيني من أجل استرداد حقوقه الوطنية والتاريخية، واقامة دولته المستقلة على كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وعاصمتها القدس الشريف. وللحقيقة وشهادةً لله والتاريخ، فلقد بذلت الشقيقة الكبرى مصر، عبر قيادة المخابرات العامة ومنذ عام 2007، جهوداً جبارة وكبيرة وحثيثة ودؤوبة ومتواصلة دون كلل أو ملل، وبصبرٍ وحكمةٍ وذكاء وخبرة وحنكة من أجل انهاء ملف الانقسام الفلسطيني المؤسف والأسود، وتحقيق وانجاز المصالحة الفلسطينية والوحدة الوطنية الفلسطينية. ومهما قدمنا من الشكر الجزيل والكبير للشقيقة الكبرى مصر على ذلك، فلايمكننا أن نفيها ولو جزءاً بسيطاً من حقها، ولهذا فإننا نقول : شكراً للشقيقة الكبرى مصر، رئيساً وحكومةً وقيادةً للمخابرات العامة ولكافة أجهزتها السيادية وشعباً.
ـــــ مارأيك فيما حدث برعاية مصرية من اتفاق فلسطيني لخوض الانتخابات العامة ؟
لانملك أمام نجاح الشقيقة الكبرى مصر، عبر وبجهود قيادة المخابرات العامة المصرية، في تذليل كافة العقبات وإزالة أمام حوارات قادة الفصائل الفلسطينية الذين استضافتهم في مقرها بالقاهرة، برعايةٍ مباشرة من فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلا أن نتقدم بجزيل الشكر والامتنان لمصر وقيادتها الحكيمة والرشيدة، وبدايةً نتقدم بالشكر الجزيل والامتنان والتقدير الكبير إلى فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، وإلى معالي وزير المخابرات المصرية العامة سيادة اللواء عباس كامل، وإلى قادة ومسوؤلي وضباط وكوادر جهاز المخابرات المصرية العامة ، الذي أداروا بمنتهى الاقتدار والصبر والحكمة والإبداع الملف الفلسطيني عموماً، وملف الحوار الوطني والمصالحة وانهاء الانقسام خصوصاً، وإلى القيادة والحكومة المصرية والشعب المصري الطيب الأصيل. ونؤكد على أنَّ هذه الحوارات التي تم تتويجها بالنجاح في إعلان إتفاق الفصائل الفلسطينية بالموافقة على تنظيم الانتخابات الفلسطينية العامة، وفقاً للمرسوم الذي أصدره فخامة الرئيس محمود عباس، بتنظيم الانتخابات الفلسطينية العامة، جاءت تتويجاً لجميع الجهود المصرية الكبيرة المتواصلة منذ بداية الانقسام الفلسطيني عام 2007، ومئات جلسات الحوار والمفاوضات واللقاءات، وعشرات الاتفاقيات التي رعتها واستضافتها مصرمشكورةً، من أجل انهاء الانقسام وتحقيق المصالحة والوحدة الوطنية الفلسطينية.
ـــــ كيف ترى الجهود المصرية لتخفيف على الشعب الفلسطيني وقيادة القضية؟
بذلت الشقيقة الكبرى مصر منذ عام 2005، وعام 2006، ومازالت تبذل قصارى جهودها من أجل تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية، وانهاء الانقسام الفلسطيني المستمر منذ العام 2007، واعادة توحيد النظام السياسي الفلسطيني، واستضافت في القاهرة مئات جولات الحوار والمفاوضات الفلسطينية ــــ الفلسطينية، ولكن للأسف كانت بعض الحسابات الحزبية الضيقة، أو التدخلات والتأثيرات الخارجية والإقليمية، تتسبب في افشال تنفيذ جميع الاتفاقيات السابقة لانهاء الانقسام وانجاز المصالحة الفلسطينية، ورغم الاتفاق مراتٍ عديدةٍ سابقةٍ على اجراء الانتخابات العامة، إلا أنَّه لم يتحقق أي منها. وتبقى مصر في كافة الظروف والمحطات والأوقات والأوضاع الأم الحنون والشقيقة الكبرى لفلسطين، وهي منذ فجر التاريخ الحاضنة لأمتنا عموماً، ولشعبنا الفلسطيني المظلوم الصابر الصامد، ولقضيتناعلى وجه الخصوص، وهي كذلك السند والداعم الدائم والرئيس للقيادة الشرعية والتاريخية الفلسطينية.ومنذ بدأت المؤامرة الكونية في القرن قبل الماضي وصناعة النكبة الفلسطينية المستمرة والمتواصلة وتهجير الشعب الفلسطيني من وطنه وأرضه، قدمت مصر أكثر من مائة ألف شهيد مصري، من أجل فلسطين وقضيتها العادلة ودفاعاً عن الأراضي المصرية والفلسطينية والعربية المحتلة، ودفاعاً عن الأرض والمقدسات الفلسطينية وعن الشعب الفلسطيني والكرامة العربية. و تواصل مصر منذ نكبة عام 1948وحتى الآن، تقديم كافة أشكال الدعم للشعب الفلسطيني لتعزيز صموده ورباطه ووجوده فوق أرضه ووطنه ولحماية مقدساته، ولم تتوقف عن إرسال وتسيير قوافل الدعم والإغاثة والمساندة والمؤازرة، مع استمرار بذلها الجهود المستمرة لفك الحصار الصهيوني الظالم عن قطاع غزة، المحاصر منذ انتفاضة الأقصى عام 2000، وحتى الآن .
ودونما شكٍ فإنَّ القرارات الأخيرة التي أصدرتها القيادة المصرية، بناءًعلى تعليمات وتوجيهات فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، باعادة فتح معبر رفح بشكل مستمر وتسهيل نقل وحركة المسافرين الفلسطينيين القادمين من غزة، أو العائدين إليها، عبر صحراء سيناء، في ظل الظروف الأمنية الخاصة التي تشهدها سيناء، لاقت الفرح والسعادة من الشعب الفلسطيني، الذي لمسَ نقلةً بالفعل نوعيةً في الترتيبات اللوجستية والتسهيلات التي صاحبت حركة التنقل، وساهمت في التخفيف من معاناة المسافرين الفلسطينيين، وهذا هو أملنا دوماً في الشقيقة الكبرى مصر، وفي رئاستها وقيادتها الشجاعة الحكيمة .. وسنبقى على الدوام عاجزين عن تقديم الشكر لها .. شكراً الشقيقة الكبرى مصر.. شكراً القائد القومي الوطني الشجاع، الزعيم العربي البطل فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي حفظه الله … شكراً معالي الوزير، اللواء عباس كامل، رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية، وشكراً لجميع قادة ومسؤولي وكوادر جهاز المخابرات العامة المصرية، شكراً للحكومة المصرية وجميع الأجهزة والمؤسسات السيادية، شكراً شعب مصر العظيم، شكراً لكل الأبطال والجنود المجهولين، وكل من لعب دوراً هاماً في صناعة هذا الفرح الفلسطيني برعاية واحتضان الشقيقة الكبرى مصر.
ــــــ ما مدى جدية الفصائل تجاه مخرجات الحوار وإنهاء الانقسام؟ وهل ستلتزم باتفاق القاهرة ؟
هذا مانأمله بالتأكيد، فالوضع الفلسطيني، والعربي والإقليمي والدولي لايحتمل غير التزام الكل الفلسطيني بما تم الاتفاق عليه في القاهرة، ولامفر من الالتزام، ونحن بانتظار الجولة المقبلة التي ستستضيفها القاهرة في شهر مارس / آذار المقبل ــ إن شاء الله ـــ لاستكمال الحوار حول المسائل والأمور الأخرى التي لها علاقة بانهاء الانقسام الفلسطيني وتحقيق المصالحة، ومرحلة ما بعد الانتخابات من أجل اعادة توحيد النظام السياسي الفلسطيني. وتختلف هذه الجولة من الحوارات الوطنية الفلسطينية، كلياً عما سبقها من جلسات، وجاءت تتويجاً لسلسلة طويلة جداً من الحوارات التي رعتها واحتضنتها القاهرة، وتأتي في ظل متغيرات فلسطينية وعربية وإقليمية ودولية هامة، في مقدمتها رحيل ترامب ومعه الكثير من مشاريعه التي سعى من خلالها إلى محاصرة القيادة الفلسطينية، وتصفية القضية الفلسطينية، وحرص القيادة الفلسطينية على فتح صفحة جديدة مع الإدارة الأميريكية الجديدة، والتي تسعي هي الأخرى لاعادة العلاقات المقطوعة مع القيادة والسلطة الوطنية الفلسطينية، ومع منظمة التحرير الفلسطينية واعادة افتتاح ممثلية فلسطين في واشنطن، واستئناف تقديم الدعم المادي للسلطة الوطنية الفلسطينية وللأونروا
ـــ كيف سيتم عقد الانتخابات في القدس الشرقية المحتلة في ظل وضعها الحالي؟
تعتبر مسألة عقد الانتخابات في القدس المحتلة، وضواحيها وبلداتها وقراها، هي (القنبلة الموقوتة) التي يمكنها أن تهدد بتعطيل العملية الانتخابية، فقد تصر سلطات الاحتلال على عدم إجرائها بأيةٍ طريقة كانت، مما يعني توقف اجراء الانتخابات، لكنِّي أعتقد أنَّ مصر ودول عربية أخرى والإتحاد الأوروبي وروسيا والصين وربما الولايات المتحدة، سينجحون في ممارسة الضغوط الكافية على حكومة الاحتلال لإيجاد طريقة أو وسيلة فنية ممكنة، كما حدث في الانتخابات السابقة، لكي يتم عبرها اتاحة الفرصة للمقدسيين بالمشاركة في العملية الانتخابية، ولكن من المُسبَّق توقع ماذا تنوي حكومة الاحتلال فعله إزاء هذه المسألة، خصوصاً أنَّ الكيان الصهيوني ستكون لديه انتخابات برلمانية الشهر المقبل، يتبعها مفاوضات تشكيل حكومة صهيونية جديدة، ولهذا فعلينا ألا نستبق الأمور، وأن ننتظر نتائج الانتخابات لديهم، ومعرفة من سيشكِّل الحكومة الصهيونية المقبلة، لنرَ هل ستقبل تلك الحكومة باجراء الانتخابات في القدس المحتلة أم لا؟، وحينها يتم تحديد الخطوات الفلسطينية والمصرية والدولية تجاه ذلك.
ـــ كيف ستخدم الانتخابات القضية الفلسطينية سواءً داخلياً، أو في المحافل الدولية؟
كماهو معروف أسفرت آخر انتخابات برلمانية فلسطينية جرت في عام 2006 بفوز حركة حماس، ونتيجةً لذلك فقد انزلقت الساحة الفلسطينية، إلى سيطرة حركة حماس على قطاع غزة صيف عام 2007، والانقسام الأسود اللعين، الذي أنتج الحالة الفلسطينية المأساوية التي مازلنا نعيش في ظلالها الكارثية من تمزقٍ وتشتتٍ وخلافاتٍ وصراعاتٍ سياسيةٍ فلسطينيةٍ داخليةٍ كبيرةٍ، والتي أصابت الفلسطينيين والقضية الفلسطينية بأضرارٍ كبيرةٍ وكثيرةٍ وبالغة الخطورة، في حين بقيت الضفة الغربية مركزاً للشرعية السياسية الفلسطينية بقيادة فخامة الرئيس محمود عباس وخاضعةً لولاية السلطة الوطنية الفلسطينية. وقد جاءت حوارات القاهرة وما شهدته من نجاحٍ كبيرٍ وملموس في ظل الرعاية المصرية الكريمة والدؤوبة والمستمرة، في الوقت الذي يسعى الفلسطينيون فيه إلى إعادة صياغة العلاقات مع المحيط العربي والإقليمي والدولي، وترتيب العلاقات والتواصل مع الرئيس الأميركي جو بايدين وإدارته الجديدة، بعدما وصلت إلى أدنى مستوى في ظل إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، والحوارات الفلسطينية بالقاهرة هي محاولة جدية وحقيقية لإنهاء الانقسام الفلسطيني وتحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية، ونتيجةً لما اتفق عليه الأمناء العامون للفصائل الذي عقد في شهر سبتمبر/ أيلول العام الماضي متزامناً في رام الله وبيروت، ثم ما حققته جولات الحوار الثنائية التي أعقبته واستضافتها القاهرة خلال الشهور والأسابيع الماضية من نجاحاتٍ واختراقات وتفاهمات، والتي أصدر بموجبها الرئيس الفلسطيني محمود عباس مرسوماً بإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية فلسطينية ومجلس وطني، والشروع في حوارٍ وطني فلسطيني شامل بالتنسيق مع الشقيقتين مصر والأردن. وبالطبع فإنَّ السلطة الوطنية الفلسطينة وحركة فتح وحماس، يطمحون أن تؤدي الانتخابات إلى اكسابهم المزيد من الشرعية على المستوى العربي والإقليمي والدولي، خاصةً أن المرسوم الرئاسي باجراء الانتخابات تزامن مع تولي جو بايدن مهامه كرئيسٍ جديد للولايات المتحدة، خلفاً لترامب الذي خصص سنوات ولايته الأربع لتصفية القضية الفلسطينية، ودعم كافة المشاريع والخطط التي سعى رئيس حكومة العدو الصهيوني بنيامين لتنفيذها وتحقيقها لصالح المشروع والكيان الصهيوني، ولهذا فهناك أهمية قصوى لتكريس مظاهر الوحدة قبيل استئناف الاتصال والحوار مع الإدارة الأميركية الجديدة . وعقب اصدار المرسوم الرئاسي الرسمي لعقد الانتخابات العامة الفلسطينية بمراحلها الثلاث المتتالية، وجهت الشقيقة الكبرى مصر، عبر قيادة جهاز المخابرات العامة، الذي يتولى باقتدارٍ كبيرٍ وحنكةٍ وذكاءٍ وصبرٍ ونفسٍ طويلٍ احتضان وإدارة ورعاية الملف الفلسطيني بكافة تعقيداته وتفاصيله، وعلى وجه الخصوص ملف انهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية، الدعوة إلى حركتي فتح وحماس واثنا عشر فصيلاً فلسطينياً آخر، للحضور إلى القاهرة للبدء يوم الإثنين 8 فبراير/ شباط 2021، في واحدة من أهم جولات الحوار الوطني الفلسطيني الموسعة، وأكثرها دقةً وحساسيةً وأهميةً، من أجل ضمان إجراء الانتخابات الفلسطينية بشفافية، وتشكيل حكومة وحدة وطنية متفق عليها، واعادة بناء وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية، والاتفاق على برنامج سياسي موحد، واعادة توحيد الجغرافيا الفلسطينية والنظام السياسي الفلسطيني والقانوني. وآمل أنَّ تكون الانتخابات الفلسطينية العامة المقبلة، والتي ستجري وفق نظام التمثيل النسبي الكامل ــــ بمشيئة الله ـــــ مدخلاً لإنهاء الانقسام اللعين، وتحقيق المصالحة والوحدة الوطنية، مع توقعي أنَّ الانتخابات التشريعية المقبلة ، وعلى عكس الانتخابات السابقة، ستمنع أي فصيل أو قائمة انتخابية من تحقيق فوز ساحق.
ــــ لماذا تم تجزئة الانتخابات على ثلاث مراحل متتالية؟
جاء مرسوم الرئيس الفلسطيني محمود عباس بإجراء الانتخابات العامة على ثلاث مراحل، تأكيداً من سيادته على الجدية في السعي لتجديد شرعيات جميع المؤسسات السيادية الفلسطينية، عقب خمسة عشر عاماً على آخر انتخابات عامة، ووجه الرئيس محمود عباس لجنة الانتخابات المستقلة والأجهزة الحكومية للبدء بإطلاق حملة انتخابية ديموقراطية في جميع محافظات الوطن، بما فيها القدس الشرقية المحتلة، مع تعليماته الواضحة بضرورة توفير أعلى درجات الشفافية والاستقلالية القضائية. ونأمل أن تكون الانتخابات المتتالية والمترابطة المدخل الحقيقي والعملي والجدي من أجل إنهاء الانقسام الفلسطيني الأسود والبغيض، وتحقيق الوحدة الجغرافية والسياسية والقانونية والإدارية بين القدس المحتلة والضفة الغربية وقطاع غزة، وانجاز المصالحة الوطنية الفلسطينية بشكلٍ كامل.
ـــــ هل تتوقع حدوث عقبات أو معوِّقات أو مفاجآت أمام الإنتخابات المقبلة، مثلما حدث من قبل؟
ــرغم أنَّ الظروف الحالية مختلفة كثيراً عن السابق، لكن لا تزال هناك بالفعل الكثير من العقبات الضخمة التي لابد من تذليلها وازاحتها، حتى لا تتعرض العملية الإنتخابية للفشل، ونأمل عند نجاحها ألاَّ تتعرض لمصادرة نتائجها من الاحتلال أو بسبب استمرار الانقسام الفلسطيني، الذي أوجد فعلياً سلطتين متنازعتين متصارعتين. وبدون الاستجابة الكاملة للجهود الكبيرة والجليلة التي تبذلها القاهرة لإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة والوحدة، ستبقى عملية الانتخابات تواجه أكبر عقبة في طريقها.
ــ هل مازالت مشاعر الفرح والتفاؤل التي أظهرها الشارع الفلسطيني عقب نجاح الحوار، قائمة؟
بالفعل أشاع نجاح حوارات القاهرة أجواء التفاؤل والأمل والفرح والبهجة والسعادة لدى الشارع الفلسطيني، لكن غالبية الفلسطينيين مازالت تملأ قلوبهم مشاعر اليأس والإحباط نتيجة استمرار الخلافات والتناحر السياسي والانقسام اللعين، وتنتابهم الكثير من الشكوك إزاء احتمالات نجاح عقد الانتخابات، وإن جرت ألا تُحدِث تغييراً جوهرياً على ملامح المشهد السياسي الفلسطيني، وفي طبيعة التركيبة والحالة والوجوه السياسية، ورغم الشكوك ومشاعر القلق والتوتر لدى الشارع الفلسطيني، إلا أنَّه لديه الرغبة الجدية بالتغيير الحقيقي.
ـــــ ماالحل إذن، وماهو المطلوب ؟
لابد من دعم جهود المصالحة الشاملة، وأن يكون الجميع على قلب رجلٍ واحدٍ، وقيادة واحدة، وكلمة واحدة في المطالبة بالحقوق الفلسطينية المشروعة، والتصدي للتغوُّل والتوحش والاستبداد والاجرام والعدوان الصهيوني، واستكمال التوافق على اجراء الانتخابات، كخطوةٍ حتميةعلى طريق استكمال خطوات بناءالمؤسسات الفلسطينية.
ـــ كيف ترى الدور المصري لانهاء الانقسام الفلسطيني وتحقيق المصالحة ؟
مصر لم تغب، ولن تغيب، لحظة أودقيقة عن الملف والشأن الفلسطيني، ولم تغب أو تتخلى أبداً عن دورها وسعيها الحثيث والدؤوب لانهاء الانقسام الفلسطيني وطي صفحته السوداء، وانجاز المصالحة الوطنية الفلسطينية، وتعمل مصر بتجردٍ واخلاصٍ وشرفٍ منذ حدوث الانقسام لتوحيد الصفوف والجهود والطاقات الفلسطينية، وانجاح المصالحة بين الجميع وحماية الحقوق والمكتسبات والانجازات الفلسطينية.
ـــ كيف تنظر إلى عودة دور مصر الإقليمي وجمعها للشمل العربي، من أجل توفير الدعم للقضية الفلسطينية؟
مصر هي قلب فلسطين وقلب الأمة، ومواقف مصر التاريخية ثابتة وأصيلة تجاه القضية الفلسطينية، وتجاه كافة الحقوق والثوابت والمكتسبات والمطالب الفلسطينية، وإنَّ الدور المصري المركزي والمحوري، حاضر بمنتهى القوة والتأثير في فلسطين، فمصر هي صاحبة الدور المركزي المحوري والرئيس في الملف والشأن الفلسطيني، ولم تتوقف لحظةً عن تقديم جميع أشكال الدعم والعون والمساندة والمؤازرة للفلسطينيين، ونحن ننظر بمنتهى التقدير والاحترام والامتنان إلى دور مصر الكبير من أجل اعادة الصلابة والتماسك للموقف العربي، وتأييد الحقوق والمطالب الفلسطينية المشروعة في الحرية والاستقلال والعودة واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، ويشرفنا أن نقدِّم التحية والاحترام والتقدير والاعتزاز والفخر لكل مايقوم به الرئيس السيسي القائد العربي الجسور الشجاع الغيور على فلسطين والأمة، انطلاقاً من إيمانه العظيم والكبير بقدرة مصر على قيادة الأمة واعادة توحيد صفوفها، للدفاع عن كافة الحقوق المسلوبة واستعادة الاراضي الفلسطينية والعربية المحتلة، واستشعار حجم الخطر الحقيقي والكبير الذي يتهدد فلسطين والفلسطينيين والعرب والمسلمين جميعاً.
ـــ هل ستنج مصر في توحيد الفلسطينيين والعرب، رغم كافة العقبات ؟
نعم باذن الله تعالى ستنجح مصر في تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية والمصالحة الشاملة، وهي تتعامل مع هذا الملف بمنتهى الحكمة والذكاء والصبر والنفس الطويل ، وقطعت شوطاً كبيراً فيه، وبذلت جهوداً هائلة وعظيمة لاحدود لها، ومعظم الجهود المؤثرة ااتي بذلتها وتبذلها وستبذلها في هذا الملف، تتم بعيداً عن الأضواء، وتمتلك مصر رؤية متكاملة ومن أجل توحيد الصفوف الفلسطينية ورسم طريق التغيير السياسي الديمقراطي في الساحة الفلسطينية، ووضع حد للتغوُّل الاستيطاني ومواجهة كافة المؤامرات والمخططات الصهيونية التي تعمل على تصفية القضية الفلسطينية، وفي نفس الوقت تعمل الشقيقة الكبري على توحيد الموقف العربي لاستعادة كافة الحقوق والكرامة الفلسطينية والعربية، في ظل موازين قوى عالمية ظالمة غير عابئة بمظلومية الشعب الفلسطيني ولا بالانهيارات الهائلة التي تراكمت بسبب استمرار الانقسام اللعين، في الوقت التي ارتفعت فيه مستويات الفقر والبطالة والجوع خاصة في قطاع غزة ، إلى مستويات صادمة كارثية.
ــــ هذا يعني أنك متفائل بقرب انتهاء الانقسام، وتحقيق الوحدة الفلسطينية؟
إنني على ثقةٍ تامةٍ وقناعةٍ كبيرة بأنّهَ لايمكن استمرار حجز مصير الفسطينيين وقضيتهم العادلة، ورهن مستقبلهم لصالح حسابات وأجندات حزبية ضيقة وحسابات أطراف إقليمية، وليس هناك بديلاً عن بذل المزيد من الجهود للتخلص من الانقسام وتبعاته، خاصة في ظل الادارة الأميركية الجديدة وماتشهده المنطقة والإقليم والعالم من تغييرات، ولم يعد بالإمكان استمرار الصمت الفلسطيني أمام السياسات والممارسات الخاطئة التي كرستها سنوات الانقسام، فهي تهدد بتلاشي ماتمت مراكمته من تضحيات وبطولات ونضالات فلسطينية على مدى أكثر من مائة عام، بل وتهدد بتلاشي وضياع القضية والوطن أمام الكثير من الظوهر الخطيرة التي طرأت على مجتمعنا الفلسطيني؛ وخاصة ظاهرة الهجرة الطوعية للخارج من أهلنا وشعبنا في قطاع غزة، والتي وصلت إلى مؤشرات وأرقام تنذر بالخطر الشديد، وإنَّ مسؤوليتنا الوطنية والأخلاقية والإنسانية والشرعية، تحتم علينا عدم ترك أهلنا وشعبنا المظلوم الصابر المرابط بين فكي الانقسام اللعين، والجوع والبطالة والتمزق والتشتت والمعاناة والمآسي والكوراث والهجرة العكسية الطوعية والضياع، خاصةً أننا نرى كل عام كيف تسوء الأمور أكثر فأكثر مما كانت عليه، من قبل ولابد من اتاحة أكبر مساحة من الحرية للناس وخصوصا حرية الكلمة والرأي الحر والنقاش والحوار وفتح منابر الاشعاع ، حتى نتمكن من ارساء دعائم بناء دولتنا الفلسطينية الوطنية، القائمة على أسس الديمقراطية وحرية الرأي والتعددية السياسبة والعلم والفكر والبحث والابداع الفكري والمعرفي، واحترام قيمة وكرامة ومكانة الإنسان الفلسطيني.
ــــ كيف تنظر إلى مستقبل العلاقات الفلسطينية ـــ العربية؟
نحن بحاجةٍ إلى إعادة ترتيب علاقاتنا الفلسطينية مع محيطنا وعمقنا العربي ، ولابد من العمل سريعاً على ازالة آثار الدمار والخراب خلال السنوات الأربع العجاف من عهد الرئيس الأميركي السابق ترامب، وخاصة نجاحه في استدراج أربع دول عربية شقيقة لتوقيع اتفاقيات للتطبيع مع الكيان الصهيوني، وهنا تبرز أهمية تسوية الخلافات وتطبيع العلاقات مع جميع الدول العربية الشقيقة، واطلاق عهد جديد في العلاقات الفلسطينية ـــ العربية برعاية ودعم الشقيقة الكبرى مصر، والتي تعمل على استثمار التطورات والتغيرات الهامة التي تشهدها المنطقة لتعزيز الموقف والتضامن العربي الجامع الداعم للقضية والحقوق الفلسطينية والتأكيد على الثوابت العربية بشأن القضية الفلسطينية، وأدعو لاصلاح العلاقات الفلسطينية مع الكل العربي، بما فيها الدول العربية التي عقدت اتفاقيات تطبيع جديدة مع الكيان الصهيوني، وأؤكد على ضرورة تجاوز الخلافات مع المحيط العربي والاسلامي، وعدم السماح لاتفاقيات التطبيع أن تمنع من ترتيب العلاقات الفلسطينية ــــ العربية، وعدم وضع أية عوائق أمام تطورها وتنميتها، وتحقيق التضامن وتشكيل قوة ضغط عربية تدعم الحقوق الفلسطينية المشروعة، وعلى رأسها اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف على كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.
ــــ المواطن العربي بشكل عام يعاني من الوضع الاقتصادي بسبب كورونا، فماهو ضع المواطن الفلسطيني الذي يعيش في ظل الحصار والاحتلال؟
قبل جائحة كورونا والشعب الفلسطيني يعيش على مستوى قطاع غزة والضفة الغربية والقدس المحتلة، وكذلك في الداخل االفلسطيني المحتل عام 1948، ظروفاً في غاية الصعوبة والتعقيد، نتيجة الممارسات العدوانية التي يقوم بها ضده الاحتلال الصهيوني، سواء على صعيد منع تسليم أموال الضرائب الفلسطينية والمقاصة إلى السلطة الوطنية الفلسطينية، أو على صعيد مصادرة الأرضاي الفلسطينية والتهويد، وتوحش وتغول الإستيطان ، وهدم المنازل والمؤسسات، والمداهمات الليلة لبيوت الفلسطينيين في الضفة والقدس واعتقال العشرات كل ليلة، وارتكاب كافة أشكال التمييز العنصري ضد جماهير شعبنا على الحواجز العسكرية الصهيونية التي تفصل مدن ومقرى ومخيمات الضفة الغربية المحتلة عن بعضها البعض، وتفصل الضفة الغربية عن القدس المحتلة، وتفصل القدس والضفة الغربية المحتلة عن قطاع غزة المحاصر للعام العشرين على التوالي، ومنع المصلين من الضفة وغزة والداخل الفلسطيني المحتل من الوصول إلى المسجد الأقصى المبارك للصلاة فيه، وخاصة صلاة يوم الجمعة، وتكرار اقتحامات قطعان المستوطنين بحماية مخابرات وأجهزة أمن الاحتلال للمسجد الأقصى المبارك، في سعيٍ صهيوني محموم لمحاولة فرض التقسيم الزماني والمكاني على المسجد الأقصى المبارك، عدا ارتكاب أبشع الجرائم ضد ابناء شعبنا واعدام جنود العدو لعشرات الشبان الفلسطينيين والفتيات أمام الكاميرات على الهواء مباشرة.
وفي ظل جائحة كورونا، فإنَّ الوضع الفلسطيني ازداد تعقيداً، فقد منعت سلطات الاحتلال عشرات آلاف العمال الفلسطينية من الضفة الغربية من العمل في الداخل الفلسطيني المحتل، بينما أغلقت آلاف المؤسسات والشركات والمصانع والمحال أبوابها في الضفة والقطاع والقدس المحتلة ، وفقد عشرات آلالاف العمال مصادر دخلهم، وارتفعت نسبة البطالة إلى أرقام قياسية، بينما ازدادت كثيراً شريحة الفقراء، وشريحة الأشد فقراً، والشريحة الأصعب تلك التي تعيش تحت خط الفقر، وتحت خط الجوع، وشاهدنا حالات من البؤس الشديد لعشرات آلاف الأسر الفلسطينية المستورة في الضفة والقطاع والقدس المحتلة، وضربت جائحة كورونا الاقتصاد الفلسطيني في مقتل، وتعطلت دائرة الانتاج في الكثير من النواحي، وانخفض مستوى الدخل كثيراً، وانخفض معه الناتج العام، وأعلنت آلاف الشركات والمؤسسات عن إفلاسها، أو فقدانها المقدرة على العمل، وأفلس الكثير من رجال الأعمال، وازدادت نتيجة ذلك المشاكل الاجتماعية وارتفعت نسبة الطلاق، وتراجعت نسبة الراغبين في الزواج، وتنامت ظاهرة الهجرة الطوعية للخارج بشكلٍ لافت للنظر، وأصبح المجتمع الفلسطيني يقف على أعتاب كارثة..
ـــ وماذا عن شحنة اللقاحات التي جاءت من سلطات الاحتلال.. حقيقة أم مجرد دعاية؟
اتفقت السلطة الوطنية الفلسطينية مع سلطات الاحتلال على شراء كمية كبيرة من اللقاحات الروسية مدفوعة الثمن، نظراً سلطات الاحتلال هي التي تتحكم بالمنافذ الخارجية الجوية والبحرية والبرية، التي تربط أراضي السلطة الوطنية بالأردن ومصر، وعبرهما بالخارج، وبالتالي فلا تستطيع السلطة الوطنية الفلسطينية اللقاح دون التنسيق مع سلطات الاحتلال وعبرها، وهذا بالضبط ماتم بخصوص شراء السلطة الوطنية الفلسطينية للقاحات، حيث تم شراءها مباشرةً من سلطات الاحتلال، أوعبرها، بالاضافة إلى ألفي لقاح تبرعت بهما روسيا للسلطة الوطنية الفلسطينية، وما تم ادخاله للضفة والقطاع حتى اللحظة كمية محدودة لاتتجاوز عشرة آلالاف لقاح، من بينها ألفي لقاح لقطاع غزة، وتتفاوض حالياً السلطة الوطنية الفلسطينية على شراء مائة ألف لقاح، وكل العادة فإنَّ الاحتلال يضع العوائق أمام أية مطالب أو متطلبات للسلطة الوطنية الفلسطينية، ومازالت الجهود الفلسطينية مدعومةً بضغط مصري ــــ أردني وأوروبي، لمطالبة سلطات الاحتلال وممارسة أقصى الضغوط عليها، لتلبية كافة مطالب السلطة الوطنية بهذا الخصوص، بالاضافة إلى مطالبة السلطة الوطنية الفلسطينية لسلطات الاحتلال بالعمل سريعاً على تطعيم مائة ألف عامل من الضفة الغربية المحتلة ، يعملون في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948.
ــــ كلمة أخيرة تحب قولها ؟
يشرفني في ختام هذا الحوار، أن أتوجه مجدداً بالتحية والاحترام والتقدير والاعتزاز والشكر الجزيل لكل ما يقوم به فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، القائد الوطني العربي الحكيم والغيور والجسور والشجاع والجرئ المؤمن بقدرة مصر العظيمة، على قيادة الأمة واعادة توحيدها والنهوض بها من جديد من أجل الدفاع عن كافة الحقوق الفلسطينية والعربية، واستعادة الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة والمسلوبة، وشكراً لفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي على كافة مواقفه القومية والوطنية المشهودة والتاريخية الداعمة للقيادة والقضية الفلسطينية، وعلى احتضانه ورعايته واحتضان ورعاية مصر للقضية الفلسطينية وللشعب الفلسطيني، ونؤكد على أننا ننظر بعين التقدير والامتنان والشكر لكافة الجهود الهائلة والكبيرة والمتواصلة والحثيثة على مدى 14 عاماً من الانقسام البغيض، ومئات جولات الحوار والعديد من الاتفاقيات، والتي بذلتها مصر عبر قيادة ومسؤولي جهاز المخابرات المصرية العامة، من أجل اعادة توحيد الجهود والنظام السياسي والإداري والقانوني الفلسطيني، والتي نجحت في جولات الحوار الوطني الأخيرة بالقاهرة بالتوافق على تنظيم الانتخابات العامة، كخطوةٍ رئيسة على طريق العمل الجدي والمكثف لانهاء الانقسام وتحقيق المصالحة وتجاوز حقبة واثار الانقسام اللعين، وحث الكل الفلسطيني بالتعاون لانجاح الانتخابات وحسم كافة الاشكاليات والقضايا والاستعداد لمرحلة مابعد الانتخابات بتشكيل حكومة وحدة وطنية وتوحيد النظام السياسي ومغادرة مربع الانقسام نهائياً، وصياغة برنامج سياسي موحد للنهوض بالمشروع الوطني الفلسطيني، والتصدي للمخططات الصهيونية التي تسعى لتصفية القضية الفلسطينية.
حاوره
أمال فتحي
أحمد محمد رمضان