انطلاق أعمال المؤتمر الدولي حول «تحقيقات المحكمة الجنائية الدولية في الجرائم المرتكبة في فلسطين المحتلة» بالقاهرة
كتب-مصطفي عمارة
بالشراكة بين المنظمة العربية لحقوق الإنسان والمجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر، وبالتعاون مع الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق الإنسان والشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، انطلقت في القاهرة صباح اليوم، الإثنين 22 مارس/آذار الجاري فعاليات المؤتمر الدولي حول “تعزيز المساءلة والمحاسبة الجنائية لجرائم الحرب والانتهاكات الجسيمة.. فلسطين نموذجاً”.
تناول المؤتمر عرض ومناقشة ولاية المحكمة الجنائية الدولية والتجارب التطبيقية في عدد من الملفات التي شهدت مخاطبة حرائم مماثلة للمرتكبة في سياق الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، ومناقشة الفرص والتحديات المرتبطة بآليات تطبيق قرار المدعية العامة للمحكمة ببدء التحقيقات، وبحث سبل تكثيف الجهود لدعم تحقيقات المحكمة، وآليات توسيع التحالف الدولي المساند لجهود المساءلة والمحاسبة.
عقد المؤتمر بمشاركة ممثلون عن حكومة جمهورية مصر العربية (الدولة المضيفة) والدكتور رياض المالكي وزير الخارجية الفلسطيني، وشارك في الأعمال خبراء وقضاة وأكاديميون في مجالات العلوم السياسية والقانون الدولي والقانون الجنائي وقادة منظمات حقوق الإنسان غير الحكومية من مصر وفلسطين وعدد من الدول العربية.
وأكد الدكتور أحمد أبو الغيط، أمين جامعة الدول العربية، في كلمته التي ألقاها نيابة عنه السفير محمد أمين ولد كيك، خلال أعمال المؤتمر بأن الصراع “الفلسطيني- الإسرائيلي” في الأصل هو قضية حق، هو حق تاريخي وسياسي للشعب الفلسطيني وحق إنساني لكل فرد من أفراده، وما يطلق على أن الصراع العربي الإسرائيلي هو مسألة عقارية أي نزاع على قطعة أرض ينتهي بالتوصل إلى تسوية أو ترضية مناسبة ومناهج كالسلام الاقتصادي هي أفكار يغذيها اليمين الإسرائيلي وهي التي تعطل فرص الحل السلمي طوال فترة الإدارة الأمريكية السابقة وما صاحبها من تدهور أوضاع في الأراضي المحتلة بعد انطلاق يد الاحتلال في بناء المستوطنات بلا حساب وتأسيس نظام الفصل العنصري في الضفة الغربية.
و أشار أبو الغيط أيضا إلى أن قرار المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية جاء في أعقاب قرار قضاة الدائرة التمهيدية الأولى بانطلاق الولاية القضائية للمحكمة على أراضي دولة فلسطين المحتلة عام 1967 بما يشمل الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وكذلك قطاع غزة، وهو القرار الذي ينطوي على بارقة أمل لتحقيق العدالة وإنفاذ القانون الدولي ومحاسبة المسئولين الإسرائيليين عن جرائمهم وانتهاكاتهم بحق أبناء الشعب الفلسطيني القابع تحت الاحتلال.
وانتقد محاولات إسرائيل لإسكات صوت المحكمة بل حاولت دولة الاحتلال الترويج لاتهام المدعية العامة بالتحيز أو اتباع الهوى، وأن بعض الدول سايرت إسرائيل في توجهاتها والاشتراك في الهجوم على المحكمة وقضاتها والمدعية العامة في إهدار للعدالة والتضحية بمبادئ حقوق الإنسان.
وأوضح أيضا، أن الخطوة التي اتخذتها المحكمة تعتبر تطورا مهما لا يخدم فقط الموقف الفلسطيني وإنما يعزز مبادئ العدالة الدولية بوجه عام، كما دعا الدول الأطراف في ميثاق روما الأساسي احترام التزاماتها في هذا الصدد وابعاد هذه القضية عن التسيس أو منطق المصالح.
و أشار أبو الغيط في كلمته إلى ان قرار القيادة الفلسطينية السير في هذا الطريق لم يكن سهلا إذ تعرضت لضغوط على أعلى مستوى لإثنائها عن مساعيها، وكان للقرار الذي يعكس الإرادة الفلسطينية المستقلة، تبعات سياسية كبيرة تحملتها القيادة في ثبات وصبر.
و أشار أبو الغيط إلى اسهامات جامعة الدول العربية من خلال دعمها الثابت والمتواصل لدولة فلسطين في جميع تحركاتها من أجل إنصاف العدالة وتحقيق مبدأ المساءلة لجرائم الاحتلال والمشاركة في التوثيق الجنائي لجرائم الاحتلال من خلال إعداد ملفات شملت المستندات والدراسات التي تثبت الجرائم الإسرائيلية المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني وباقي الأراضي العربية المحتلة.
وأكد أن جرائم الاحتلال ضد الإنسانية ثابته وفاضحة، والاحتلال ذاته هو أكبر هذه الجرائم، والاستيطان هو أيضا جريمة حرب، فضلًا عن الانتهاكات اليومية والجرائم في حق السكان المدنيين والإغلاقات والعنف المفرط، ولقد آن الأوان لوضع الاحتلال في موضع المحاسبة وهي أولى خطوات الطريق نحو العدالة، ولا يمكن أن يتأسس سلام مستدام إلا على قاعدة من العدالة والمحاسبة للجرائم.
من جانبه، أكد السفير عمار حجازي، مساعد وزير الخارجية الفلسطيني أن القضية الفلسطينية مرت بالعديد من المراحل الحساسة والمعقدة داخل أروقة الأمم المتحدة.
وأضاف حجازي، في كلمة نيابة عن وزير الخارجية الفلسطيني خلال أعمال المؤتمر الدولي حول “تعزيز المساءلة والمحاسبة على جرائم الحرب والانتهاكات الجسيمة .. فلسطين نموذجاً”، الذى يعقد على مدار يومين بالشراكة بين المنظمة العربية لحقوق الإنسان والمجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر، وبالتعاون مع الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق الإنسان والشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، في العقد الأخير تكثفت الجهود الفلسطينية وفتح أبواب والقانون الدولي بما يعزز مكانتها في مواجهة جرائم الاحتلال وسياساته الاستيطانية بحق الشعب الفلسطيني.
ورحب حجازي، بقرار المدعية للمحكمة الجنائية الدولية معتبرا أنها خطوة طال انتظارها تسعي إسرائيل القضاء عليها، قائلا « عملية التحقيق الجنائي عملية معقدة وتحتاج إلى وقت طويل ونحن من جانبا سنواصل تقديم الدعم لدعم حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة».
وطالب حجازي جميع الأطراف بعدم تسيس هذا التحقيق المستقل، مطالبا بفضح أي جهة تسعي إلى هذا الفعل بما في ذلك محاولات التشكيك والتهديد للسيطرة على عمل المحكمة.
وقال حجازي، نطالب بفتح صفحة جديدة لمحاسبة إسرائيل على كافة الجرائم وتوفير الحماية لعمل المحكمة والتمهيد لقتح المجال لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، مشددا على أن السلطة الفلسطينية على ثقة بجهودها بدعم من المجتمع المدني الفلسطيني والعربي والدولي للمساهمة في تعزيز عمل المحكمة الجنائية الدولية لبسط سيطرتها لنظر جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة.
وأشاد محمد فائق، رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، شجاعة المحكمة الجنائية الدولية وصدور قرار الغرفة الإبتدائية للمحكمة بتأكيد اختصاصها بالنظر في الجرائم والانتهاكات المرتكبة في أراضي دولة فلسطين المحتلة، وما تلاه من إعلان المدعية العامة للمحكمة بدء التحقيقات، وتأكيد ذلك بإرسال مذكرات رسمية لكل من دولة الاحتلال وحكومة فلسطين قبل أيام قليلة.
وثمن فائق خلال الجلسة الافتتاحية بالمؤتمر بتمسك المحكمة بإعمال الحقوق بعدالة وإنصاف رغم الضغوط الهائلة التي مُورست ولا تزال تُمارس على المحكمة لإثنائها عن النهوض بواجباتها ومسئولياتها.
وقال فائق يأتي هذا التطور المهم في توقيت بالغ الأهمية، حيث بات ما عُرف بـ”صفقة القرن” وما حملته من تهديدات خطيرة لحقوق الشعب الفلسطيني الثابتة والمشروعة بلا قيمة ولا معنى إلا إظهار النوايا العدوانية و مدى الإصرار على إستمرار الإحتلال، والفضل في ذلك أولاً وأخيراً لصمود الشعب الفلسطيني وتمسكه بحقوقه المشروعة ورفضه لكافة محاولات تقويض هذه الحقوق.
وأضاف يتزامن المؤتمر اليوم مع تطورات مهمة على صعيد تحثيث الآمال لتحقيق الصالحة الوطنية الفلسطينية إثر جولتين شهدتهما القاهرة برعاية القيادة المصرية، وأنتجت التفاهمات الجوهرية التي نتطلع لتطبيقها على نحو أمين بما يلبي تطلعات الشعب الفلسطيني في تجاوز الانقسام وتحقيق اللحمة الوطنية بما يساهم في تعزيز صموده في مواجهة ضغوط الاحتلال الإسرائيلي وما يرتكبه من جرائم وانتهاكات منهجية،كما أن الوحدة الوطنية للشعب الفلسطينى بكل فصائله يضع الدول العربية كلها أمام مسئولياتها نحو القضية الفلسطينية، داعيا أحرار العالم لمساندة المحكمة في مواجهة الضغوط غير المشروعة التي تواجهها.
وقال فائق لم يخالجنا الشك في أحلك الظروف في اليقين أن الحقوق المشروعة و الغير قابلة للتصرف لابد وأن يأتي يوماً لنيلها، وهي آتية ولو طال الزمن طالما كان أصحاب الحق هم الشعب الفلسطيني الرفيع في الصمود والتحدي، كما لم يثني الشك أبناء هذا الشعب من قياداته وحركته الحقوقية الرائدة في العمل في العمل من أجل نيل حقوقه ومحاسبة المعتدين على جرائمهم.
وقدم فائق التهنئة للحركة الحقوقية الفلسطينية على جهودها المتميزة في تحقيق هذه المرحلة المهمة من النجاح في مسيرة النضال القانوني، ونمد هذه التهنئة أيضاً إلى القيادة الفلسطينية التي اتخذت القرار الصائب باستثمار القانون وقاعدة الحقوق في مسيرة النضال نحو التحرر.
وأكد إن النجاح في النضال القانوني لا يغني عن المقاومة والنضال السياسي، مشيرا إلى أن جولتي المصالحة بالقاهرة أنجزتا الكثير من الشروط الضرورية لتعزيز النضال السياسي.
ودعا فائق مختلف الأطراف السياسية الفلسطينية للارتقاء لمستوى التطلع الشعبي الفلسطيني، ولمستوى المسئولية والتحدي اللذين تفرضهما هذه المرحلة الدقيقة، مشددا على أن المجتمع الدولي عليه مسئوليات كبيرة لدرء الجرائم والانتهاكات الإسرائيلية التي لها أثر متواصل ويومي على حياة أشقائنا الفلسطينيين، وعلى الاحتلال الإسرائيلي سلسلة مطولة من الاستحقاقات بموجب القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان والتي لا يمكن التحلل منها أو التأخير في تلبيتها وخاصة رفع الحصار والإغلاق وضمان معاملة الأسرى وحماية المدنيين وإزالة العراقيل على وصول المواد الغذائية والمستلزمات الدوائية وغيرها من مقومات استمرار العيش.
وتقدم فائق بالشكر للسلطات المصرية على التسهيلات التي قدمتها للمنظمين لعقد هذا المؤتمر رغم الصعوبات التي يعيشها العالم نتيجة تداعيات جائحة كورونا.
وعبر عصام يونس رئيس الشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان عن شكره للسلطات المصرية للموافقة لإقامة هذا المؤتمر على الأراضي المصرية، كما أكد على التطورات الهامة المتصلة بالمحكمة الجناية فيما يتعلق بالقضايا الفلسطينية، بعد جهود خمس سنوات أعلنت المدعية العامة الموافقة على بدء التحقيق بعد ان جاء قرار الدائرة التمهيدية بان الولاية المكانية تنطبق على الاراضي الفلسطنية بما فيها الضفة الغربية والقدس الشرقية، وكذلك قطاع غزة. وهي خطوة مهمة في سياق خطوات سابقة ولاحقة.
و أشار إلى أبرز خطوات المسار التاريخي السابق على هذه التطورات، منها بعد عام 200 توجة وزير العدل الفلسطيني إلى المحكمة الجنائية الدولية لبدء التحقيق وكان رد المدعي العام أن فلسطين ليست دولة وبالتالي لم يكن مجال للتحقيق، وفي العام 2012 اصبحت فلسطين دولة ذات صفة مراقب ولها شخصية الدولة وتبع ذلك ووقعت على اتفاقيات حقوق الإنسان ونظام روما الأساسي، وفي اليوم التالي تم اتخاذ جملة من الاجراءات من جانب فلسطين لسعيها نحو العدالة.
أوضح يونس أن المحكمة الجنائية الدولية هي الملاذ الأخير لكل الضحايا بعد تكرار الانتهاكات على مرأى ومسمع من العالم منذ العام 67 وحتى الان، ففي العام 93 كان عدد المستوطنين لا يتجاوز 100 الف الان تجاوز 700 الف، وتعرض قطاع غزة لثلاثة حروب هدمت بها المدارس والمنازل وشرد المدنيين واتجهوا الى الانوروا ومدارس الانوروا، الا ان الاحتلال قام بقصف مدارس الانوروا وقصف المخيمات، و كذلك انتهاكات سلطات الاحتلال وفجور جرائمه تحتاج إلى محاسبة، وقضية عدم افلات المجرم بجريمته، وأن طريق العدالة طريق طويل وذو اتجاه واحد إما العدالة المكتملة أو التضحية بالقانون الدولي، ومن يسيس المحكمة هو من يحاول تقويض المحكمة وفرض اجراءات وضغوطات على المحكمة والتنكيل بمن يقترب منها، ولا يمكن ان تخضع القضية للتوظيف السياسي بل هي قضية عدالة فقط.
وأشار يونس في الأخير إلى أنه لا شك ان العالم شديد الاختلال، وتراجعت قضية فلسطين نتيجة وجود قضايا اخرى تسيدت المشهد، وقضايا العدالة هي الاهم للشعب الفلسطيني لان الاسوأ قادم، بل الاهم العدالة لانها طريق ملئ بالتحديات، وعقد الموتمر في القاهرة له دلالات كثيره لما تمتلكة القاهرة من مكانة لدى العرب ودعمها الدائم للقضية الفلسطنية.
وأكد الدكتور عماد الدويك رئيس الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق الإنسان، أن الشهران الأخيران شهدا تطورات مهمة وكبيرة على صعيد جهود فلسطين في ملاحقة ومساءلة مجرمي الحرب الإسرائيليين.
وقال الدويك أصدرت الدائرة التمهيدية في المحكمة الجنائية الدولية قرارا مهما بتاريخ 5 فبراير الماضي يؤكد أن للمحكمة اختصاصًا قضائيًا على دولة فلسطين التي تشمل الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية، باعتبارها دولة طرفًا في ميثاق روما.
وأضاف رغم أهمية القرارت الأخيرة، باعتبارها اختراقا مهما على صعيد مساءلة قادة الاحتلال عما يقترفونه من جرائم، الا ان يجب ان ندرك ان التحقيق الجرائم الدولية يتطلب الكثير من الوقت والجهد محذرا من مساعي دولة الاحتلال، والتي اعتبر قادتها ان قرارات المحكمة الأخيرة خطرا استراتيجيا بل وجوديا تجب مواجهته، الى عرقلة مثل تلك التحقيقات بمختلف الوسائل السياسية والدبلوماسية وبناء التحالفات لاجبار المحكمة على التراجع في النظر في الجرائم.
وحذر الدويك من أن إسرائيل
ستسعى لتجنيد أنصارها من الخبراء القانونيين الدوليين لايجاد اية ثغرات ممكنة لوقف ملاحقة الإسرائيليين، كما ستسعى الى قلب إجراءات المحكمة باتجاه الفلسطينيين ومحاولة ملاحقة قادة فصائل فلسطينية او قيادات أمنية وعسكرية فلسطيني، عدا عن امكانية قيامها بعرقلة جهود طواقم التحقيق اثناء قيامهم بأداء عملهم كمنعهم من القيام بزيارة الضفة الغربية وقطاع غزة، او بتشريع قانون يجرم التعاطي مع المحكمة والتعامل مع طواقمها، أو منع الشهود من القيام بالإدلاء بالشهادات امام المحكمة واستهدف المحققين والخب ا رء والشهود وتهديدهم وايذائهم، والقيام باعمال القرصنه الالكترونية للبيانات .
وأكد الدويك أن المحكمة الجنائية الدولية، بل منظومة العدالة الدولية، تقف الآن أمام اختبار حقيقي، متسائلا: هل المحكمة الجنائية الدولية، هي محكمة الرجل الأبيض لمحاكمة المارقين من قادة ومسؤولي ما يسمونه العالم الثالث خاصة في افريقيا، ام انها ستكون محكمة عادلة ومنصفة وتخضع لسيادة القانون الدولي.
وشدد على أن التطورات الأخيرة في موضوع الملاحقة الجنائية الدولية، تتطلب التوقف ودراسة هذه القرارات ، والتفكير في الخطوات القادمة، بما يضمن استمرار العمل القانوني والحقوقي المهني لدعم جهود وتحقيقات المحكمة، وتقديم التقارير التوثيقية والمطالعات القانونية الصحيحة وفي الوقت المناسب، وأيضا بناء التحالفات لموجهات تحركات إسرائيل وحلفائها المحتملة للضغط على المحكمة، وتوفير الحماية لاولئك الشجعان الذين قرروا المضي قدما في ملاحقة إسرائيل وفي تقديم الشهادات او التقارير .
وتوجه بالشكر الخاص إلى حكومة وشعب مصر، على استضافة هذا المؤتمر والقيام بكل ما يلزم لتسهيل وصول الوفود، وعلى الدور الكبير والتاريخي والمقدر لمصر في دعم حقوق الشعب الفلسطيني، وفي أيضا دعم جهود المصالحة الفلسطينية.
استعرض سلطان جمالى، المدير التنفيذى للشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، جهود الشبكة فى تبنى القضية الفلسطينية ودعم جهود ملاحقة قادة قوات الاحتلال بالمحكمة الجنائية الدولية ومحاسبتهم على ما تم ارتكابه من جرائم بحق الشعب الفلسطينى الأعزل بالأراضى المحتلة، لافتا إلى أن الشبكة سبق أن أوصت بوضع نهاية لاحتكار منظمة الأمم المتحدة لجهود الوساطة فى عملية السلام بالأراضى المحتلة الفلسطينية وذلك بعد ما أظهرته المنظمة الأممية من انحياز واضح للجانب الإسرائيلى وازدواجية المعايير.
وأضاف سلطان جمالى، المدير التنفيذى للشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، أن اللجنة التنفيذية للشبكة أوصت أيضا باستمرار ومواصلة الحشد لشن حملات دبلوماسية وحقوقية وشعبية ورسمية للتأكيد على الحقوق التاريخية للشعب الفلسطينى.
وأكد علاء شلبي، رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان لقد شكل قرار الغرفة التمهيدية للمحكمة الجنائية الدولية بتأكيد اختصاصها بالنظر في الجرائم المرتكبة على أراضي دولة فلسطين المحتلة انتصاراً مهماً وتاريخياً للضحايا.
وقال شلبي أسهم القرار في إحياء الآمال في الرهان على إمكانية تحقيق العدالة دولياً بعد تراكم إرث كبير من التحديات التي ولدت شعوراً عارماً باليأس في مراحل سابقة، مضيفا لابد في هذا الإطار أن نوجه التحية للرئيس الفلسطيني، محمود عباس، على قراره الشجاع بالتصديق على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية واتفاقيات القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وهو الأمر الذي لطالما نادينا به خلال السنوات السابقة للانضمام.
وتابع في هذا الإطار نؤكد أن هذا النهج لابد وأن يشكل السبيل الأساسي للانتصار لحقوق الشعب الفلسطيني واستكمال مسيرة نضاله الطويل، وأن أي حديث عن عودة للمفاوضات العبثية لا يؤتي ثماره من دون تشبث بالحقوق والقانون.
وواصل شلبي، نتشارك الرأي مع الزملاء والخبراء في أن طموحنا في الوصول للعدالة لا يتأسس على أوهام طالما كنا ندرك التحديات الجسام التي قد تكبل مسارنا نحو العدالة، وطالما كنا جاهزين ومستعدين لتخطيها والاستمرار في التحرك صوب الهدف. ومن هنا تأتي أهمية هذا المؤتمر لوضعنا على أهبة الاستعداد لمقابلة هذه التحديات وتخطي العراقيل عبر عمل دؤوب وتنسيق وتناغم، مع توسيع قاعدة الاشتباك لضم المزيد من الفاعلين الذين يشاركوننا نفس الأهداف.
وقال شلبي ندرك جميعاً التحديات التي تواجه المحكمة ذاتها في النهوض بمسئولياتها بصفة عامة، وخاصة في ظل عزوف القوى العالمية الرئيسية عن الانضمام إليها ومحاربتها عبر اتفاقيات شائنة لمنع تسليم المطلوبين، وهو ما حدا بالعشرات من الدول للعزوف عن الانضمام، مضيفا بل قاد ممارسة المحكمة لولايتها على مناطق جغرافية متناقصة إلى ضيق بعض الدول الأطراف في نظام روما بالاستمرار في محكمة دولية لا تقاضي سوى البعض من الجناة دون غيرهم ممن ارتكبوا جرائم ربما تكون أكثر فداحة.
وشدد شلبي أن الجميع يدرك التحديات الأخرى التي تضغط على المحكمة في النهوض بمهامها تجاه أهلنا في فلسطين الحبيبة بالصورة اللائقة وفي السياق الزمني المناسب، سواء في ظل اختلالات النظام الدولي أو في سياق محاولات العبث التي نراها.
وذكر شلبي، ببعض من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الجنائي الدولي التي ارتكبتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي بحق أهلنا في فلسطين والدول العربية، ولعل في تقرير اللجنة التي اشتهرت باسم “لجنة جولدستون” في العام 2009 ما كفى لتحريك الملف أمام القضاء الجنائي الدولي لولا الضغوط السياسية على السلطة الفلسطينية والأمم المتحدة.
وأشار إلى أن اللجان التعاهدية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة أكدت ارتكاب طائفة واسعة من الانتهاكات الجسيمة وغير القابلة للتقادم، ومن بينها تأكيد لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز العنصري 2020، ما تمارسه سلطات الاحتلال الإسرائيلي من تمييز عنصري مؤسسي بحق الشعب الفلسطيني على جانبي الخط الأخضر، بما في ذلك قانون “يهودية الدولة”، وتشاركت مع اللجنة المعنية بحقوق الإنسان 2014 في رصد العقوبات الجماعية بحق الفلسطينيين، وجريمة الحصار والإغلاق على قطاع غزة بصفة خاصة، بالإضافة إلى مشاركتهما مع لجنة الأمم المتحدة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية 2019 تأكيد الاستيلاء على أهم الموارد الفلسطينية وحرمان الفلسطينين من استغلال مواردهم الفردية البسيطة وتقويض مقومات الحياة، بالإضافة إلى تأكيد لجنة مناهضة التعذيب 2016 على استمرار تفرد سلطات الاحتلال الإسرائيلي عالمياً بتقنين أشكال من التعذيب انتهاكاً للحظر المطلق لجرائم التعذيب.
وأكد شلبي أن ما سبق من انتهاكات يقع جملة وتفصيلاً في الأفعال المؤثمة وفق نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، موضحا أن العدوان الإسرائيلي على آليات التحقيق الأممية وخاصة لجنة التحقيق الأممية التابعة لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة المختصة بالنظر في عدوان صيف 2014، والملاحقة الأمنية الجارية بحق زملاؤنا في حركة حقوق الإنسان الفلسطينية والتي تشكل خطراً داهماً على سلامتهم، تأتي دليلاً على شعور سلطات الاحتلال اليقيني بالخطر.