مهزلة سد النهضة

0

كتب مصطفى عماره

​على الرغم من بقاء أيام قليلة على قيام أثيوبيا بتنفيذ مخططها حول الملء الثالث لسد النهضة والذي سوف يبدأ من شهر يوليو القادم والذي يرفع مخزون السد إلى قرابة 20 مليار متر مكعب وسوف يؤدي مع تناقص مخزون سد أسوان إلى بوار أكثر من 200 ألف فدان فضلا عن إغراق مساحات واسعة من أراضي السودان إلا أن النظام المصري تعمد كعادته إلى بث رسائل طمأنة إلى الشعب المصري دون أن يكون لها مردود إيجابي على الأرض في الحفاظ على أمن مصر المائي خاصة أن النظام أدرك أنه لم تعد له أوراق للمناورة يمكن من خلالها الضغط على الجانب الأثيوبي بعد أن أهدر كل الفرص المتاحة لتوجيه ضربة لسد النهضة بعد أن ثبت عدم جدية النظام الأثيوبي في التوصل إلى حل يحفظ حصة مصر المائية واستغل المفاوضات منذ إعلان المبادئ الموقع بين الدول الثلاث في كسب الوقت لتحقيق هدفه في الوصول إلى الملء الكامل للسد ولو على فترات للتحكم في الأمن المائي للمنطقة واستخدامها كوسيلة للضغط السياسي على مصر لتحقيق مصالح إسرائيل في المنطقة وهو ما بدأ يتحقق بالفعل في الاتفاقيات التي وقعتها إسرائيل مع دول المنطقة وعلى رأسها مصر لتصدير الغاز الإسرائيلي إلى الخارج ومع بداية ولاية الرئيس السيسي لرئاسة مصر التقيت بالدكتور هيثم الخطيب رئيس ائتلاف شباب ثورة يناير وكان مقربا من المجلس العسكري وقال لي بالحرف الواحد أن الولايات المتحدة ستدعم نظام السيسي مقابل تنازله عن ملف سد النهضة ورغم أن هذا الكلام كان يحتمل الصواب أو الخطأ إلا أن التراخي المصري في التعامل مع قضية سد النهضة أثناء المفاوضات أكد بما لا يدع مجالا للشك صدق هذا الكلام ليضاف هذا التنازل إلى تنازلات أخرى بدأت بالتنازل عن تيران وصنافير وبيع مقدرات الشعب المصري المتمثلة في المصانع التي بناها عبد الناصر والتي كانت تمثل ثروة مصر الإقتصادية وعلى رأسها مصنع الحديد والصلب ومصنع للأسمدة وبيع أراضي وشركات لمستثمرين عرب خاصة من الإمارات في مناطق استراتيجية تمس الأمن القومي والتي يمكن أن تنتقل بدورها إلى إسرائيل في ظل العلاقات المتميزة بين إسرائيل والإمارات والتي أصبحت رأس حربة لإسرائيل في المنطقة فضلا عن قضايا الفساد وعلى رأسها فضيحة وزيرة الصحة ووزيرة الهجرة ، ووسط تلك الملفات الخطيرة التي تهدد الأمن القومي وفضائح الفساد التي استشرت في مختلف القطاعات لجأ النظام عبر وسائل إعلامه المأجورة إلى التركيز على الفضائح الشخصية للأفراد من قيام طالب بقتل زميلته أو أم بقتل أولادها أو حوادث انتحار لأشخاص لإشعال الرأي العام بقضية شخصية بعيدا عن القضايا التي تؤثر على حاضره ومستقبله وإذا كانت تلك السياسة يمكن أن تنجح لبعض الوقت إلا أنها لن تنجح كل الوقت بعد أن بلغ احتقان الشعب من ارتفاع الأسعار وقضايا الفساد مداه واصبحت النار تحت الرماد انتظارا لأي انفجار يمكن أن يتحول إلى انفجار شامل يعيد مصر إلى الوراء لعشرات السنين ، لقد كتبت في مقالات سابقة وحذرت من هذا الإنفجار الذي لن يترك وراءه الأخضر واليابس لأنه سوف يكون أشبه بثورة جياع لأنه لن يستهدف شخص معين بعد أن فقد الناس ثقتهم في الأشخاص والنخب القائمة التي لا تقل فسادا عما هو موجود حاليا فهل نتدارك هذا الانفجار قبل فوات الأوان وحينئذ لن ينفع الندم ولن تجدي الدموع .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

الاسطورة تويتر _ الاسطورة الجديد _ العمدة سبورت _ ترددات القنوات _ سعر الدولار اليوم