دعوات التظاهر ومخطط هدم الدولة
عادت صورة ثورة 25 يناير مرة أخرى إلى واجهة الأحداث بعد الدعوة التي أطلقها عدد من النشطاء السياسيين في الخارج وعلى رأسهم المقاول الهارب محمد علي والفنان عمرو واكد إلى جموع الشعب المصري بالنزول إلى الشارع يوم 11 نوفمبر القادم والذي يتزامن مع عقد قمة المناخ في شرم الشيخ لإسقاط نظام الرئيس السيسي ، وعلى الرغم من تردي الأوضاع الاقتصادية والإجتماعية في مصر وحالة الاحتقان التي تعيشها الطبقة الفقيرة والمتوسطة بفعل الارتفاع المبالغ فيه في أسعار السلع والخدمات الأساسية إلا أن فرصة تجاوب الشعب المصري مع تلك الدعوات تبدوا شبه معدومة ولقد سبق أن أطلق المقاول الهارب محمد علي تلك الدعوة في الماضي ولم يستجيب لها أحد وهو السيناريو المتوقع للدعوة الجديدة ولعل هذا راجع لعدة أسباب منها أن الدعوة جاءت من عناصر مرفوضة شعبيا وتمتلك ماضي لا يؤهلها لإطلاق تلك الدعوات والتي يمكن أن تحدث فوضى في مرحلة دقيقة تمر بها مصر والمنطقة تحاول فيها أطراف خارجية وداخلية إعادة سيناريو الفوضى الخلاقة الذي طرحته وزيرة الخارجية الأمريكية منذ عدة سنوات وتسبب في إحداث فوضى وانهيار عدد من دول المنطقة كسوريا وليبيا والعراق واليمن وهو ما يخدم في المقام الأول استراتيجية أعداء أمتنا وعلى رأسها إسرائيل والولايات المتحدة وإيران التي تهدف إلى تقسيم أوطاننا ونهب ثرواتنا ، وأن الشعب المصري تعلم من تجربة ثورة يناير بعدم النزول إلى الشارع إلا إذا كان هناك بديل متفق عليه وهذا البديل غير موجود حاليا على الساحة ولا يبدوا أنه سوف يتواجد مف الأمد القريب بعد أن فقد الشعب المصري ثقته في الرموز السابقة التي قادت ثورة يناير وأثبتت الأيام أنها لا تقل فسادا عن النظام السابق ، وأن المؤسسة الأمنية لن تسمح بتولي مدني السلطة وهي المؤسسة التي قادت مصر عبر سنوات طويلة ولن تسمح بأي حال من الأحوال تولي مدني السلطة يمكن أن يسلبها الامتيازات التي حصلت عليها طوال العقود الماضية ، وعلى الرغم من رفضي تلك الدعوات التي لن تؤدي إلا إلى هدم الدولة وإحداث فوضى إلا أنني في نفس الوقت أحذر من استمرار الأوضاع الراهنة التي تتزايد فيها حدة الفقر وتحميل الطبقات الفقيرة والكادحة تبعات الأزمة الحالية في الوقت الذي يعمل فيه النظام الحاكم إلى بناء القصور وتبديد ثروات البلاد في أشياء لا تتلائم مع الأوضاع الراهنة وهو الأمر الذي زاد من حدة الاحتقان الشعبي وسوف يؤدي عاجلا أم عاجلا إلى ثورة جياع وهي ثورة اخطر بكثير من الثورة على النظام السياسي لأنها سيقودها طبقة تفتقر إلى الفكر السياسي ولن تؤدي إلا إلى مزيد من الخراب والتدمير ودخول مصر في نفق مظلم لن يعلم أحد مداه .
الكاتب الصحفي د/ مصطفى عمارة