التطبيع السعودي الاسرائيلي شواهد وحقائق

0

 

د. سنية الحسيني

تستمر مفاوضات التطبيع بين السعودية وإسرائيل، باحتضان أميركي، بسرعة تثير قلق الفلسطينيين. وتعتبر الادارة الأميركية أن انجاز هذا الاتفاق التطبيعي يعد أولوية، لأنه يمكن أن يرفع أسهمها في الانتخابات القادمة، رغم الأعباء والعقبات التي تواجهها لاخراجه، بسبب الشروط السعودية. وتتطلع السعودية لانجاز هذا الاتفاق التطبيعي، الذي يخدم، إن تحقق، تطلعات المملكة المستقبلية في اطار نظرتها لمكانتها المستقبلية الاقتصادية العالمية، والاستراتيجية الاقليمية والتي ترتبط بضبط توازن قوى المنطقة. الا أنه في ظل تصريحات وسياسات الحكومة الاسرائيلية الحالية، التي تتحدى بتبجح الشرط السعودي بحل عادل للقضية الفلسطينية، يبقى من الصعب على المملكة التخلي عن الفلسطينيين، في ظل مكانة المملكة العربية السعودية، وتطلعاتها المستقبلية لمكانتها العالمية.

حمل تقديم أوراق اعتماد السفير السعودي للرئيس الفلسطيني يوم الثلاثاء الماضي، كسفير فوق العادية غير مقيم في الأراضي الفلسطينية المحتلة وكقنصل عام في القدس، القلق للفلسطينيين، خصوصاً وأنه الأول من نوعه منذ قيام السلطة الفلسطينية في الأراضي المحتلة في العام ١٩٩٣. جاء دخول السفير السعودي إلى الأراضي الفلسطينية بمصادقة سلطات الاحتلال، التي تسيطر فعلياً على معابر فلسطين، كما أن امتلاك السعودية لقنصلية في القدس، كان قبل احتلال المدينة المقدسة في العام ١٩٦٧، لكن المدينة الآن تخضع بالكامل تحت سلطة الاحتلال.

ويزيد من ذلك القلق الفلسطيني، سماح السلطات السعودية منذ أشهر وبشكل متصاعد لوفود رسمية إسرائيلية بدخول أراضي المملكة، وهي مبادرات درجت دول التطبيع العربي مع الاحتلال على اتخاذها، على رأسها الامارات والمغرب، قبل الانخراط الفعلي باتفاقيات التطبيع. وكانت السلطات السعودية قد وضعت عقبات أمام حصول وزير الخارجية الاسرائيلي ووزير التعليم على تأشيرات لدخول المملكة، للمشاركة في مؤتمر دولي فيها في شهر آذار الماضي. كما سمحت السعودية في العام الماضي بدخول رياضيين إسرائيليين لأراضيها، بجوازات سفر أخرى، للمشاركة في مسابقات دولية على أرضها. في حين دخل وزير السياحة الاسرائيلي أراضي المملكة يوم الثلاثاء الماضي، في أول زيارة رسمية معلنة لوزير إسرائيلي، والتي جاءت بالتزامن مع دخول السفير السعودي للأراضي الفلسطينية المحتلة. كما سبقها بيومين دخول وفد رسمي اسرائيلي للمشاركة في مؤتمر دولي. وسمح قبل ثلاثة أسابيع لوفد رياضي اسرائيلي بالمشاركة في بطولة رياضية دولية في المملكة. وسيزور وزير الاتصالات الاسرائيلي ورئيس لجنة الاقتصاد في الكنيست المملكة الاسبوع القادم. وكانت المملكة قد فتحت المجال الجوي السعودي للطائرات الاسرائيلية المدنية، خلال جولة جو بايدن في الشرق الأوسط العام الماضي.

يضاف إلى ذلك تصريحات ولي العهد السعودي غير الحاسمة، تجاه حل القضية الفلسطينية، خلال حديثه عن تفاعلات مفاوضات التطبيع مع الاحتلال، رغم أن التصريحات الرسمية السعودية، خصوصاً تلك التي صدرت عن وزير الخارجية السعودي والسفير السعودي الجديد في فلسطين جاءت حاسمة، وتعكس العدالة التي يتطلع اليها الفلسطينيون، بعد سنوات طويلة من الظلم وإنكار لحقوقهم المشروعة. وفي مقابلة للفضائية الأميركية “فوكس نيوز” مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، أكد في سياق حديثه عن اقتراب التطبيع مع الاحتلال، أن القضية الفلسطينية مهمة، وانه يتطلع لرفع المعاناة عن الفلسطينيين وحصولهم على حياة أفضل، دون الاشارة إلى مبادرة السلام العربية، أو إلى حل الدولتين، أو اشترط وقف الاستيطان. في حين شدد وزير الخارجية السعودي والسفير السعودي الجديد على تلك القواعد الحاسمة لحل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي.

ويمكن فهم شروط السعودية للتطبيع مع إسرائيل ضمن أهداف المملكة لتحقيق رؤيتها الطموحة لسعودية ٢٠٣٠، على رأسها تحقيق الثورة الاقتصادية، والتي ستتجاوز من خلالها المملكة عن مجرد الاعتماد على النفط. ويستلزم تحقيق تلك الثورة الاقتصادية انجاز عده أهداف أخرى أهمها؛ التزام المملكة بسياسة الحياد وعدم الانحياز لأي طرف في أي صراع؛ واتباع سياسة تصفير المشاكل مع دول المحيط؛ مع الاحتفاظ بتوازن القوى في المنطقة.

وتسير المملكة بتحقيق أهدافها بخطى صلبة واثقة، فسجلت المملكة نمواً في الناتج المحلي هي الأسرع بين دول مجموعة العشرين، ولعامين متتاليين، وتتطلع لأن تكون ضمن مجموعة ال ٧ او ال ٨ الكبار. كما أكد بن سلمان في مقابلته لـ “فوكس نيوز” أن المملكة لا تدعم طرف على حساب طرف في الحرب الروسية الأوكرانية، ولا تتخذ قراراتها في منظمة “ابيك بلس” الا وفق سياسة المنظمة ومصالح المملكة. كما أكد أن بلاده لم تنضم لتحالف بريكس، للموجهة مع واشنطن أو أي طرف آخر، وإنما لتحقيق مصالحها، خصوصاً وأن دول حليفة لواشنطن عضو في ذلك التحالف. وفي ما يتعلق بالجوانب الأمنية والاحتفاظ بتوازن القوى في المنطقة، فيبدو أنها تتحقق بشكل كبير في حال لبت واشنطن شروط المملكة لتحقيق التطبيع مع إسرائيل، والمتعلقة باتفاقية التحالف والأسلحة النوعية والقوة النووية السلمية، وترتبط بتهديد المملكة بأن “حصول ايران على سلاح نووي، يعني تلقائياً حصول المملكة على مثله”.

ولا تصلح الثورة الاقتصادية الا اذا اقترنت بالهدوء والسلام، لذلك يعتبر ما أكده محمد بن سلمان في تلك المقابلة عن سعي بلاده لتصفير مشاكلها مع دول الإقليم، هدف من بين أهم أهدافها. وساهمت المملكة في عودة الأسد للجامعة العربية، وتطبيع علاقاتها مع إيران، ومساعيها لإنهاء الحرب في اليمن، كما لا تمانع بتطبيع علاقتها مع الاحتلال، وإن كانت المملكة لم تبادر الى ذلك وتضع شروط لتحقيقه. وارتباطا بالبند الأخير، قبل فترة وجيزة تم الكشف عن جهود تقودها السعودية وجامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي بالتعاون مع مصر والأردن لاحياء العملية السلمية، واستضافت السعودية قبل أيام اجتماعا في نيويورك ضم تلك الأطراف في اطار تلك الجهود. ويزور أنتوني بلينكن الشهر المقبل الأر

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

الاسطورة تويتر _ الاسطورة الجديد _ العمدة سبورت _ ترددات القنوات _ سعر الدولار اليوم