السقوط إلى الهاوية
لم يكن سقوط مصر المخزي في كرة القدم أمام المنتخب المغربي بنتيجة ثقيلة في دورة الألعاب الأوليمبية محض مفاجئة بل جاء نتيجة المناخ الذي تعيشه مصر منذ سنوات طويلة بسبب غياب روح الانتماء والتخطيط السليم وحكم الفرد والذي بلغ ذروته عامي عام 2011و2013 ورغم حالة الاحتقان الشعبي التي سادت مصر خلال تلك الفترة إلا أن المؤسسة العسكرية كان لها دور كبير فيما حد بهدف انتقال السلطة من الحكم العسكري الى الحكم المدني ففي عام 2011 تدخلت المؤسسة العسكرية لمنع توريث الحكم إلى جمال مبارك ورغم اختلافي مع الإخوان وعدم صلاحيتهم لحكم البلاد بسبب غياب خبرتهم إلا أن المؤسسة العسكرية تدخلت أيضا لإسقاط حكم الإخوان وإعادة الحكم العسكري الى مصر وضيعت على مصر فرصة تاريخية بأن يتم حكم مصر من خلال حكم مدني يأتي من خلال إرادة الصندوق وهو الأمر الذي أدى إلى تلك الكارثة التي تعيشها مصر حتى إلا ولم يكن هذا رأيي فقط بل رأي معظم النخبة المثقفة الوطنية وهو ما عبر عنه للفنان عزت ابو عوف عندما قال إنه كان يفضل أن يستكمل الإخوان مدتهم الدستورية ثم يسقطهم الشعب إن أراد هذا عبر الصندوق افضل من أن يجيئ مصر حاكم يحكمها ثلاثين عاما خاصة أنه لم يكن باقيا من فترة حكم الرئيس السابق محمد مرسي سوى ثلاثة سنوات ويبدوا أن تلك المخاوف قد تحققت عندما وصل الرئيس السيسي الى الحكم وسط مناخ أعدت له المؤسسة العسكرية جيدا من خلال الترويج للمصير المظلم الذي كان يمكن أن تواجهه مصر إذا استمر الإخوان في الحكم ورغم عدم اعتراض أن يحكم مصر شخصية عسكرية لأن هذا الأمر حدث في الكثير من بلاد العالم كما أنني لم اشكك يوما ما في وطنية الجيش المصري فلا جدال أن الجيش المصري جيش وطني ومن هذا الجيش خرج الضباط الأحرار الذين قاموا بثورة 23 يوليو إلا أن تلك الثورة لم تحقق أهدافها رغم أن لا أحد يمكن أن يشكك في وطنية عبد الناصر وزعامته وثورته والانجازات التي حققها إلا أن خطئا رئيسيا واحدا أجهض تلك الإنجازات وهو حكم الفرد والذي أدى إلى نكسة عام 67 وهو ما اعترف به عبد الناصر نفسه في خطاب له بعد تلك النكسة وكان يجب على حكام مصر التاليين والذين كان على رأسهم السيسي تلافي هذا الخطأ حتى نصل بمصر للمكانة التي تستحقها إلا أن هذا لم يحدث ففي كلماته وتصريحاته التي أدلى بها خلال مناسبات عدة أعلن الرئيس السيسي أنه وحده يملك الحقيقة ومن خلال نظرته تصلح يرى أنه رجل الدين الاول فتدخل في أمور فقهية متخطيا بذلك سلطة شيخ الأزهر كما كان يرى أنه رجل الاقتصاد الاول وبدلا من أن يدير البلاد من خلال مجموعة من الخبراء أدارها من خلال مجموعة أثبتت فشلها برئاسة مصطفى مدبولي والذي وصلت ديون مصر في عهده إلى 168 مليار دولار وبدلا من الاتجاه للتصنيع قام ببيع اصول الدولة والاقتراض من صندوق النقد الدولي والذي اوصل البلاد إلى مرحلة مشابهة للمرحلة التي سبقت الاحتلال الأجنبي لمصر والذي سوف يكون احتلالا اقتصاديا وسياسيا كما فشلت الحكومة في إدارة ملف المياه حتى تمكنت إثيوبيا من للوصول للملئ الخامس دون أن تحرك مصر ساكنا رغم خطورة هذا الملف على أمن مصر المائي وفي ظل حالة الضعف والوهن الذي تعيشه مصر حاليا وغياب الإدارة أقدمت إسرائيل على ارتكاب مذابح في غزة واحتلال معبر رفح ومحور فيلادلفيا رغم وجود اتفاقية ببن مصر وإسرائيل بأن يكون هذا المحور منطقة منزوعة السلاح ورغم خطورة هذا على الأمن القومي المصري فإن مصر قابلت هذا الأمر بحالة من اللامبالاة كما حدث في ملف سد النهضة وهو ما شجع إسرائيل على التمادي في تهديد الأمن القومي المصري لادراكها أن مصر مكبلة الإرادة بعد أن باعت سيادتها لبعض الدول وعلى رأسها الإمارات المعروفة بعمالتها لإسرائيل ورغم الأخطاء الكارثية التي ارتكبتها حكومة مدبولي إلا أن الرأي العام فوجئ بتجديد الثقة فيه لتشكيل حكومة جديدة وكان طبيعيا أن تكون الحكومة الجديدة أسوأ من سابقتها خاصة وزير التربية والتعليم المشكوك في شهادة الدكتوراه التي حصل عليها حتى أصبح التعليم في مصر حقا للتجارب كما زادت اسعار الدواء والكهرباء التي تم تحميلها على الطبقة الكادحة في حين تم استثناء الساحل الشمالي من انقطاع الكهرباء وفي ظل هذا الوضع القاتم الذي تعيشه مصر حاليا وتحميل الطبقة الكادحة الكوارث التي ارتكبها أشخاص فاسدون بلا خبرة أن يغيب الانتماء وتتوالى الهزائم لإحساس جموع الشعب الكادحة أن هذه البلد ليست بلدها بل بلد يحكمها الفاسدين والمرتشين وهو الأمر الذي يمكن أن يعجل بانفجار عاجلا ام اجلا يدمر في طريقه كل شيء إلا إذا حدثت معجزة في عهد غابت فيه المعجزات والتي لم تأتي الا لمن يستحقها .
مصطفى عمارة