مؤتمر البرلمان الأوروبي 2024: دعم للمقاومة الإيرانية وتأكيد على التغيير الديمقراطي
مريم رجوي في البرلمان الأوروبي: دعوة لإسقاط نظام الملالي وبناء إيران ديمقراطية
النواب الأوروبيون يطالبون بسياسة حازمة تجاه إيران: الحرية والديمقراطية في المقدم
في مساء يوم الأربعاء 20 نوفمبر 2024، انعقد مؤتمر بارز في البرلمان الأوروبي بمشاركة السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمقاومة الإيرانية. حضر المؤتمر عدد كبير من أعضاء البرلمان الأوروبي من مختلف المجموعات السياسية، إلى جانب العديد من مساعديهم وممثلي منظمات المجتمع المدني.
تناول المؤتمر مجموعة من القضايا الحساسة، من أبرزها مشروع النظام الإيراني لبناء القنبلة النووية، الذي يُنظر إليه كوسيلة لضمان بقائه الاستراتيجي. كما تم تسليط الضوء على الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها مختلف فئات الشعب الإيراني، والتأكيد على أهمية الإطاحة بالنظام الحالي والعمل على إحداث تغيير ديمقراطي يقوده الشعب والمقاومة الإيرانية.
شدد المتحدثون خلال المؤتمر على ضرورة تبني سياسة فعالة تجاه إيران تدعم تطلعات الشعب الإيراني نحو الحرية والديمقراطية. وألقت السيدة مريم رجوي كلمة مؤثرة خلال الجلسة، استعرضت فيها محاور رئيسية، مؤكدة على أهمية المقاومة المنظمة ودورها في تغيير النظام الإيراني. جاء في كلمتها:
عملية تغيير النظام في إيران ودور المقاومة المنظمة
“يسرني أن ألتقي بكم مع بداية الدورة الجديدة للبرلمان الأوروبي. خلال الدورة السابقة، صوّت البرلمان الأوروبي على قرارين لإدراج قوات حرس النظام الإيراني في قائمة التنظيمات الإرهابية…”
كان هذا فرصة لكبح جماح الحرب التي يشنها النظام الفاشي الديني الحاكم في إيران، لكنها للأسف لم تُنفَّذ. كما أن تفعيل آلية الزناد بقي معلقًا دون أي إجراء.
منذ فترة طويلة، يعتمد هذا النظام على تصدير التطرف والإرهاب وإشعال الحروب كنهج رئيسي للتعامل مع أزمته الداخلية ضد الشعب الإيراني، وسدًّا أمام انتفاضاته.
يا ترى، ماذا كان “ذنب” نائب رئيس البرلمان الأوروبي السابق، البروفيسور أليخو فيدال كوادراس، الذي مرّ عام على محاولة اغتياله في مدريد؟
إن “جريمته” كانت وقوفه في صف الشعب الإيراني ومقاومته العادلة في مواجهة الفاشية الدينية.
الحرب الرئيسية للنظام ضد الشعب الإيراني
الحرب ضد الشعب الإيراني منذ بداية عام 2024 تخللها تنفيذ حوالي 800 حكم إعدام.
هذا الأمر شكّل صدمة كبيرة وأسفًا بالغًا للبرلمان الأوروبي، الذي كان دائمًا رائدًا في الدعوة إلى إلغاء عقوبة الإعدام.
أما بالنسبة للشعب الإيراني ومقاومته، اللذين أعلنا منذ 20 عامًا ضرورة إلغاء الإعدام كجزء من برامجهما، فقد كان هذا الوضع مؤلمًا للغاية.
ومنذ تسلّم الرئيس الجديد للنظام السلطة قبل أربعة أشهر، تم تنفيذ حوالي 500 عملية إعدام لحد الآن.
ان سجل نظام الملالي البغيض يتضمن 100 ألف إعدام سياسي وأكثر من نصف مليون سجين تعرّضوا للتعذيب.
صرّح خامنئي مرارًا بأنه إذا لم يشن الحرب في سوريا والعراق واليمن ولبنان وغزة، فسيضطر إلى الدفاع عن نفسه داخل إيران، في طهران وأصفهان وشيراز، أي في عمق البلاد.
الانتفاضات الشعبية الواسعة التي حدثت في أعوام 2009، 2017، 2018، 2019، و2022 تمثل دليلًا واضحًا على حقيقة أن الحرب الأساسية هي بين النظام والشعب الإيراني.
اليوم وقبل ساعات احتج عدة آلاف من المعلمين والتربويين المتقاعدين أمام برلمان النظام مرددين “ويل لكم من هذا الظلم” و لهذا السبب أن النظام، بانتهاك كامل للاتفاق النووي وبالتمويه والمخططات والمقترحات المخادعة [1]
يواصل مشروع صنع القنبلة النووية التي يعتبرها ضمانًا استراتيجيًا لبقائه. تفعيل آلية الزناد وتفعيل القرارات الستة لمجلس الأمن، التي كان يجب أن تُنفَّذ منذ وقت طويل، هو الخطوة الأولى الفورية والضرورية. ومع ذلك، فإن الخلاص النهائي من ديكتاتورية إرهابية نووية يتطلب تغيير النظام من قبل الشعب والمقاومة.
تغيير ديمقراطي هدف في متناول اليد
جئت اليوم إلى بيت الديمقراطية الأوروبية لأعلن:
يمكن إنهاء إرهاب النظام وإشعال الحروب التي يشنها.
إسقاط النظام والتغيير الديمقراطي في إيران ممكنٌ بالاعتماد على الشعب الإيراني ومقاومته.
هذا الهدف قابل للتحقيق وفي متناول اليد.
وأشير هنا إلى أهم العناصر لتحقيق ذلك:
1) الشعب الإيراني مستاء وغاضب بشدة، إلى جانب وحدات الانتفاضة التي تقف في طليعة النضال، وتلعب النساء دورًا رئيسيًا في قيادتهن.
تُعدّ وحدات الانتفاضة جزءًا من جيش التحرير الوطني الإيراني.
ومن خلال أنشطتها التي تكسر حاجز القمع، تمثل القوة للتغيير ومقاتلي درب الحرية في إيران.
خلال مؤتمر يونيو 2024، تم عرض مقاطع فيديو تضم 20 ألف نشاط وحراك لهذه الوحدات في جميع أنحاء إيران.
2) تعتبر منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، بحوزتها آلاف الكوادر المتمرّسة، حركة لها تاريخ يمتد 60 عامًا من النضال ضد ديكتاتوريتي الشاه والملالي. يشهد الأصدقاء والخصوم على دورها المحوري في المقاومة. هذا الكتاب (كتاب الشهداء) يتضمن أسماء وهويات 20 ألفا من شهداء المنظمة التي أعلنت النظام عدوها الرئيسي.
كما أن هذا هو السبب الرئيسي للحملات المكثفة لتشويه صورتها.
أشرف 3 في ألبانيا، حيث يوجد ألف امرأة مناضلة وما يقرب من ألف سجين سابق عانوا التعذيب في ظل ديكتاتوريتي الشاه والملالي، يُعدّ أحد مراكز هذه المنظمة.
3) المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية البديل الديمقراطي للنظام يضم 457 عضوًا[2] من توجهات مختلفة، وتُشكّل النساء أكثر من 50% من أعضائه.
إنه أطول تحالف سياسي عمرًا في تاريخ إيران، تأسس قبل 43 عامًا على يد مسعود رجوي في طهران.
يملك المجلس برامج وخططًا محددة تشمل:
– الحريات وحقوق المرأة.
– الحكم الذاتي للقوميات.
– المساواة بين الشيعة والسنة وسائر الأديان.
– فصل الدين عن الدولة.
– إلغاء عقوبة الإعدام.
– بناء إيران غير نووية
والمجلس يدافع دوما عن السلام في الشرق الأوسط.
كما أن هذه المقاومة كانت أول من كشف عن برامج النظام الإيراني النووية السرية ومنشأته المخفية عام 2002.
4) على مدى العقود الأربعة الماضية، نظّمت المقاومة الإيرانية أكبر التجمعات للإيرانيين في الخارج، ما يعكس الدعم الشعبي الكبير الذي تحظى به داخل إيران.
عائلات وأقارب 100 ألف شهيد في سبيل الحرية، بالإضافة إلى مئات الآلاف من السجناء السياسيين خلال الـ45 عامًا الماضية، كانت ولاتزال من أبرز الداعمين لهذه المقاومة.
كما أن هناك شريحة واسعة من المتخصصين الإيرانيين الذين يشكلون جزءًا من 320 جمعية في مجتمعات الإيرانيين بالخارج، وهم يمثلون عنصرًا أساسيًا من الكوادر اللازمة لبناء إيران المستقبل.
تتميّز هذه المقاومة بكونها حركة كبيرة ومستقلة تمامًا، تعتمد في تمويلها على الاكتفاء الذاتي.
تُغطى جميع نفقاتها، من المصاريف اليومية إلى الاتصالات، المنشورات، التجمعات، وقناة تلفزيونية تبث على مدار الساعة عبر خمسة أقمار صناعية للشعب الإيراني، من خلال أعضاء المقاومة ومؤيديها داخل إيران وخارجها.
5) الدعم العالمي لبرنامج المقاومة الإيرانية المكوّن من 10 نقاط حيث تم الإعلان عن هذا الدعم خلال التجمع الكبير للإيرانيين في يونيو 2024. وقد حظي بدعم واسع تمثل في:
– بيانات صادرة عن 34 أغلبية برلمانية في أوروبا وأمريكا.
– دعم من بعض الدول العربية.
– بيان مشترك وقّعه 137 من قادة العالم السابقين و80 من الحائزين على جائزة نوبل.
هذا الدعم يؤكد السعي لإقامة جمهورية ديمقراطية في إيران، خالية من الديكتاتورية الدينية أو الملكية.
عملية انتقال السلطة بعد إسقاط النظام الكهنوتي
بخصوص مستقبل إيران، أكدتُ دوما أننا لا نسعى للاستيلاء على السلطة، بل لنقلها إلى أصحابها الحقيقيين، أي الشعب الإيراني وأصواته.
وفقًا لخطة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، ستكون عملية انتقال السلطة بعد إسقاط النظام كما يلي:
تشكيل حكومة مؤقتة لمدة لا تتجاوز 6 أشهر، تتمثل مهمتها الأساسية في تنظيم انتخابات مجلس تأسيسي.
تتنحى الحكومة المؤقتة بمجرد تشكيل المجلس التأسيسي، وتنتهي مهمة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية.
تنتقل السلطة إلى ممثلي الشعب في هذا المجلس، الذين سيعملون على تشكيل حكومة لمدة عامين لوضع وإقرار دستور الجمهورية الجديدة عبر استفتاء شعبي.
دعوني أذكر بثلاث نقاط للتأكيد والاطمئنان:
أولا- تزعم الديكتاتورية الدينية ومؤيدوها أنه لا يوجد بديل.
هذا الادعاء كذب محض، وقد أثبتت ذلك مواقف العديد من الشخصيات والهيئات المنتخبة عالميًا التي تصدت لهذا الزيف كما أشرنا سابقًا.
ثانيا- يدّعي الملالي أن غيابهم سيحوّل إيران إلى دولة فاشلة على غرار سوريا أو ليبيا، تغرق في الفوضى.
هذه الحجة هي الوجه الآخر لادعاء غياب البديل.
عندما يوجد بديل سياسي قوي ومؤهل، لن يكون هناك مجال للفوضى.
إضافة إلى ذلك، فإن ملايين الإيرانيين المغتربين، بما يمتلكونه من خبرات علمية ورؤوس أموال، مستعدون للعودة إلى الوطن والمساهمة في إعادة بناء إيران.
ثالثا- يزعم النظام أن سقوطه سيؤدي إلى تقسيم البلاد. وهذا كذب أيضا.
خلال الانتفاضات الشعبية، فقد هتف الإخوة البلوش والأكراد بشعارات مثل: “من كردستان إلى طهران، ومن زاهدان إلى طهران، نفدي بأرواحنا من أجل إيران “.
انهم يطالبون بحقوقهم ولا التقسيم.
أخطاء السياسات الغربية على مدار العقود الثلاثة الماضية
اسمحوا لي أن أستنتج في نهاية الكلام أن مصدر أخطاء السياسات الغربية تجاه إيران على مدى العقود الثلاثة الماضية يتمثل في تجاهل هذه الحقائق وإنكار وجود بديل للنظام.
هذا البديل جاء ثمرة 46 عامًا من النضال المستمر ضد نظام ولاية الفقيه، الذي يُعتبر نموذجًا للفاشية الدينية. نضال يهدف إلى تحقيق الحرية والمساواة بين جميع الإيرانيين، رجالًا ونساءً.
كالعادة أكرر: لا للحجاب الإلزامي ولا للدين القسري ولا لحكم الجور.
وهنا إذ أهنئ القيادة الجديدة للاتحاد الأوروبي، أتمنى أن تتخذ سياسة حازمة تجاه نظام الملالي الإرهابي والمثير للحروب وذلك بنبذ كامل لسياسة المساومة. ويعد ذلك احتراما لمطلب الشعب الإيراني لتغيير النظام وتحقيق الديمقراطية وسيادة الشعب فضلا عن ضرورة للسلام والاستقرار في المنطقة والعالم.
أشكركم جميعا
[1] – علي أكبر صالحي: “في الأنابيب هنا وفي تلك الخزائن التي كان لدينا، الأنابيب التي يدخل فيها الوقود، نحن كنا قد اشترينا أيضاً مشابهة لتلك الأنابيب ولكن في ذلك الوقت لم أتمكن من الإعلان عن ذلك. كان هناك شخص واحد فقط في إيران يعلم، أعلى مسؤول في النظام (خامنئي)، ولم يكن أحد آخر يعلم… السيد آقا (خامنئي) كان قد قال لنا أن نكون حذرين، هؤلاء الناس غير موثوقين وغير أمناء. لذا، كان علينا أن نعمل بحكمة وذكاء، أي أنه بالإضافة إلى أننا لا نُدمّر الجسور خلفنا، كنا نبني جسوراً لنعرف كيف نعود بسرعة إذا كان علينا العودة. كان هناك بعض الأنابيب بقطر حوالي 2-3 سنتيمترات وطول 3-4 أمتار… نحن اشترينا أيضاً مثل تلك الأنابيب بعدد مماثل، وقالوا لنا أن نملأها بالأسمنت، فقمنا بملء تلك الأنابيب بالأسمنت… ولكننا لم نقُل أنهم لدينا أنابيب أخرى لأنهم إذا قالوا لنا ذلك، كانوا سيطلبون منا أن نملأ تلك الأنابيب أيضاً بالأسمنت… الآن نحن ذاهبون لاستخدام نفس تلك الأنابيب، الآن نحن نستخدم تلك الأنابيب.” (قناة 4 التلفزيون التابعة للنظام، 22 يناير 2019)
[2] – العدد الحالي لأعضاء المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية 457 عضوا مع حساب شهدائه والمتوفين واولئك الذين تم احتجازهم رهائن من قبل عملاء النظام الإيراني