نعم لسوريا لا للأسد
ارتبطت مصر وسوريا عبر التاريخ بوشائج الدين واللغة والتاريخ المشترك لذا لم يكن غريبا أن ما يحدث في القاهرة تتردد صداه في دمشق بل إن المتأمل التاريخ أن معظم إن لم يكن كل صد كافة الغزوات التي تعرض لها المشرق العربي إلا بوحدة الجيشين المصري والسوري لذا لم يكن غريبا أن تتم الوحدة بين البلدين بعد قيام ثورة يوليو كنتاج طبيعي لتلك الوشائج التي صنعها الدين والتاريخ واللغة والكفاح المشترك وهي الوحدة التي تفاعل معها الشعبين عند استقبال الشعب السوري لعبد الناصر عند زيارته الأولى لسوريا بعد الوحدة وكان طبيعيا أن تتحرك جحافل الاستعمار ضد تلك الوحدة التي تهدد مصالحه في المنطقة وقد تنبأ الزعيم الراحل عبد الناصر بتلك الأخطار التي تهدد دولة الوحدة فقرر حل جميع الأحزاب التي أفسدت الحياة السياسية وعلى رأسها حزب البعث كما أبعد الجيش عن السياسة ونظرا لارتباط حزب البعث والأحزاب التي تدور في فلكه باجندات داخلية وخارجية فلقد قام ضباط الجيش الموالين لحزب البعث والمرتبطين بتلك الأجندات بانقلاب ضد دولة الوحدة وامعانا في خداع الجماهير فلقد رفع هؤلاء الضباط شعارات الحربة والاشتراكية والوحدة إلا أن الشعب السوري أدرك زيف تلك الشعارات فبالنسبة للحرية شهدت سوريا اكبر نظام قمعي في التاريخ وتبارى الحاكم البعثيين في التنكيل بالشعب السوري وزج احراره في السجون وبالنسبة لشعار الاشتراكية نهب هؤلاء الحكام ثروات الشعب السوري ولم يكتفوا بهذا بل نهب رموزه من أمثال عبد الحليم خدام ثروات الشعب اللبناني عند دخولهم لبنان وبالنسبة لشعار الوحدة كان طبيعيا أن الضباط الذين خططوا للانفصال عن مصر أن يتآمروا على كل بلد عربي وقف بجانبهم ولعل الحرب العراقية الإيرانية خير شاهد على ذلك حيث تحالف حكام دمشق مع ملالي إيران في حربهم ضد العراق ولأن هؤلاء الحكام اعتادوا الخيانة فلقد كشفت الوثائق أن حافظ الأسد وابنه بشار أعلنوا مشاركتهم في جبهة الصمود والتصدي ضد إسرائيل إلا أنهم لم يطلقوا عليها رصاصة واحدة عندما غزت إسرائيل لبنان في الوقت الذي نكلوا فيه بالمسيحيين والمسلحين والفلسطينيين في تل الزعتر وحتى رحيل ديكتاتور سوريا عقب ثورة الشعب السوري دون رد وتسببت سياسات هذا الديكتاتور في تقسيم سوريا بين العديد من الدول وكان طبيعيا أن ينتفض الشعب السوري لتحرير بلاده من الظلم والاستعباد وهو ما قابله الشعب السوري بفرحة عارمة ورغم سعادتي بفرحة الشعب السوري والذي اعتبره شعبي كما اعتبر سوريا بلدي إلا أن هناك هواجس أو مخاوف تدور في نفسي من المستقبل لأنني أعلم أن هناك دول كتركيا ساعدت الثوار في التخلص من هذا الديكتاتور كما انتهزت إسرائيل الفرصة واعلنت عزمها على إقامة حزام أمني في الجولان وإن كان اللجوء إلى دول شقيقة كتركيا أمر مشروع لتحقيق الحرية فإن الأمر الذي لا يمكن قبوله أن تكون أي دولة سواء تركيا او غيرها وصية على القرار السوري وإلا ستبقى الحرية سجن اخر يضع قيودا على القرار السوري ، إنني من منطلق حبي لسوريا ولشعبه أوجه نداء إلى الثوار الذين حققوا حلم الشعب السوري في المصرية أن يكون القرار السوري نابعا من سوريا ومصالح شعبها ورغم ادراكي بمدى ارتباط مصالح الشعبين المصري والسوري وهو ما عبر عنه أبناء الشعبين في تغريداتهم على شبكات التواصل الاجتماعي إلا أن ما يهمني في المقام الأول أن تبقا سوريا حرة عزيزة وستبقى دائما سوريا جزء من قلبي وعقلي وفكري حتى الرمق الاخير من حياتي عاشت مصر وسوريا شعب واحد وبلد واحد مدافعا عن أمتنا العربية والإسلامية.
مصطفى عماره