مصر بين حفظ الأمن وممارسة القيود على أبناء الشعب السوري
سعدت كما سعد ملايين من الشعب السوري بتحرير سوريا من هذا النظام البائد الذي حول سوريا إلى سجن كبير مارس فيه كل انواع التعذيب والقتل وانتهاك الأعراض وإذا كان البعض قد أبدى تخوفه من تفكك الدولة السورية وتشجيع إسرائيل على احتلال المزيد من الأراضي السورية فلقد أوضحت في مقالي السابق عن جرائم آل الأسد أنه قبل حدوث هذا التغيير لم تكن هناك دولة سورية التي كانت مفككة بين احتلال تركيا لجزء من الأراضي السورية وانفصال منطقة الشمال التي توزعت بين الفصائل المسلحة والاكراد فضلا عن سيطرة إيران على مفاصل الدولة ووجود قواعد لروسيا أما بالنسبة لموضوع إسرائيل فلقد أثبتت الوثائق أن حافظ الأسد قد باع الجولان لإسرائيل وأصبحت الأجواء السورية مرتعا للطائرات الإسرائيلية دون رد ولو مرة واحدة من جانب هذا هذا النظام سوى الإعلان أن الرد سوف يكون في الوقت المناسب دون تحديد موعد وإذا كنت ابرر أن يقوم النظام المصري بإجراءات أمنية لعدم تسلل عناصر إرهابية إلى الأراضي المصرية فإنني لا أجد مبرر للنظام المصري وابواقه الإعلامية من فرض قيود على إقامة السوريين أو دخولهم لمصر في ظل العلاقات التاريخية بين البلدين والتي جعلتهم دولة واحدة في مرات عديدة في مواجهة جحافل الغزوات الاستعمارية التي غزت المشرق العربي كالصليبيين والتتار وإسرائيل ولقد ترجمت تلك العلاقات بإقامة دولة الوحدة بين مصر وسوريا فيما يسمى بالجمهورية العربية المتحدة عام 1958 ولم تقتصر العلاقات بين الإقليمين على الجانب الأمني بل امتدت إلى المجالات الاقتصادية والثقافية حتى أصبحت مصر موطنا للسوريين الذين فروا من اضطهاد الاستعمار واستقبلتهم مصر باعتبارها بلدهم الثاني والحضن الدافئ لها كما ساهم السوريين عقب الحرب الأهلية التي اندلعت في سوريا في إقامة المشروعات التي ساهمت في نهضة الاقتصاد المصري ولم نسمع يوما أن السوريين زعزعوا استقرار استقرار مصر وللأسف فإن تلك الإجراءات لم تطبق على أعداء مصر من الإسرائيليين الذين دخلوا مصر بدعوى تنشيط السياحة بأسعار زهيدة ولاشك أن تلك الإجراءات تسيئ إلى العلاقات التاريخية بين الشعبين وإذا كان الهدف منها زيادة موارد الدولة لسد الأزمة الاقتصادية فإن المادة لا يجب أن تكون هدفا إذا طغت على القيم الدينية والأخلاقية أو تمس أمن البلاد وعلاقاتها التاريخية مع الأشقاء وللأسف فإن تلك الإجراءات رافقتها هجوم اعلامي من أبواق النظام على النظام الجديد دون أن يتريث هؤلاء لممارسات هذا النظام في المستقبل بل وصل الأمر أن طالب الكاتب المصري ابراهيم عيسى والذي كرس حياته للتشكيك في الثوابت الدينية النظام المصري بالقبض على والد احمد الشرع الزعيم الجديد للثورة السورية ووالدته للضغط على النظام الجديد متجاوزا في ذلك كافة الاعراف الدينية والأخلاقية وإن كنت أطالب النظام المصري بمراجعة إجراءاته التعسفية ضد أبناء الشعب السوري سواء من المقيمين فيها أو الذين يرغبون في زيارتها فإنني اطالب في نفس الوقت النظام السوري الجديد باتخاذ موقف حازم ضد إسرائيل بعد استيلاء إسرائيل على مزيد من الأراضي السورية فليس معنى اتجاه سوريا للسلام مع دول الجوار أن تتعامل بنفس المنطق مع أعدائها وعلى رأسها إسرائيل وإن يكون لهذا الهدف له الأولوية بعد ترتيب الأوضاع الداخلية وإذا كنا جميعا أن نرحب بالاجراءات التي اتخذها النظام الجديد من الإطاحة بالنظام المستبد وإطلاق سراح الأسرى واتخاذ إجراءات لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية جديدة وإطلاق الحريات فإن من حقنا المطالبة باتخاذ كافة الإجراءات لاستعادة السيادة الكاملة على كل. الأراضي السورية حتى يكون هذا بداية عهد جديد شعاره الحرية والكرامة لكل أبناء الشعب السوري بعيدا عن الطائفية والمذهبية التي دمرت سوريا في الماضي .
مصطفى عماره