بعد التحذيرات العراقية…. هل تنفجر قنبلة الهول الموقوتة
مع سقوط النظام السوري السابق، وسيطرة “هيئة تحرير الشام” رفقة فصائل تحالفت معها على العاصمة دمشق، توالت التحذيرات العراقية من عمليات هروب قد تحدث داخل مخيم الهول في شمال شرق سوريا، فهل تنفجر قنبلة الهول الموقوتة وسط ضبابية المشهد السوري و تغاضي المجتمع الدولي عن تفكيك المخيم.
حذر عضو تحالف الفتح في العراق، محمود الحياني، في تصريح صحفي من خطورة حدوث عمليات تهريب من مخيم الهول في شمال شرق سوريا، واصفاً إياها بالقنبلة الموقوتة التي تهدد أمن العراق والمنطقة، موضحاً أن هناك “أكثر من 30 ألف عائلة من أصول عراقية، يعيشون بالمخيم”، منوهاً إلى أن “نقلهم للداخل العراقي، وتحديداً لمخيم الجدعة جنوب نينوى، قد يزيد من التهديدات الأمنية”.
كما حذّر وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، خلال اتصال هاتفي، الأسبوع الفائت، مع وزير الدولة لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا البريطاني، “هاميش فالكونر” من خطورة هروب عناصر “داعش” من السجون، ومن انفلات الوضع في مخيم الهول، مؤكداً أن التنظيم يعيد ترتيب صفوفه.
قلق عراقي
ويرى المحلل السياسي العراقي، عبد الله شلش، أن هناك تخوف من تداعيات انفلات الوضع في مخيم الهول، “هروب عدد منهم إلى داخل العراق سيربك الوضع الأمني أكثر من السابق على الداخل العراقي نتيجة حدوده المشتركة مع سوريا”.
ويقول شلش: “بعد سقوط النظام السوري السابق أصبحت سوريا أمام تحديات خارجية وداخلية كبيرة، منها عودة أذرع داعش وقيامها باستهداف نقاط الأمن وتفجير السيارات”.
وشهدت الآونة الأخيرة تصاعداً في هجمات خلايا تنظيم “داعش”، على الحواجز والمراكز الأمنية في شمال شرق سوريا، وذلك بعد أن استولت خلايا التنظيم على العديد من مستودعات الأسلحة والذخيرة العائدة للنظام السوري السابق بعد سقوطه ضمن البادية السورية ومناطق بريف دير الزور شرقي البلاد.
ويحذر المحلل السياسي والمحامي في القضايا الجنائية والعسكرية والجمركية ، مصطفى رستم، المقيم في دمشق، من خطر الانفلات الأمني “تفاقم الحالة الأمنية في سوريا سيؤدي لخروج مخيم الهول عن السيطرة، ما سيشكل تهديداً للأمن الإقليمي ككل”.
ويتابع في حديث خاص معه، أن العراق يخشى من عودة سيناريو عام 2014 عندما تمكن تنظيم “داعش” من السيطرة على مناطق تُقدر بثلث البلاد على خلفية امتداد الصراع في سوريا بين النظام السوري المخلوع والفصائل المعارضة المسلحة في السنوات الماضية.
ويقول رستم: ” إذا عاد التنظيم سيكون أكثر شراسة ودموية، وسيؤدي لتفجر الوضع وخلط الأوراق مجدداً وهذا لا يناسب أحداً، سواءً الحكومة السورية الانتقالية، أو تركيا التي أصبحت بموضع المنتصرة وبدأت بتنفيذ مشروعها بشكل ناعم في سوريا”.
تقويض جهود محاربة داعش
في سياق الحديث عن الوضع الأمني في شمال شرق سوريا، تتزايد الإشارة إلى دور تركيا. ورغم أن أنقرة تقول أنها تنفذ عمليات عسكرية في المنطقة تستهدف ما تعتبره تهديداً أمنياً على حدودها، إلاّ أن بعض المراقبين يرون أن “هذه العمليات قد تؤدي بشكل غير مباشر إلى تقويض الجهود الرامية لمكافحة داعش”.
باتت قنبلة الهول اليوم مهددة بالانفجار أكثر من أي وقت مضى، على ضوء المقومات التي توفرها أنقرة من خلال هجماتها وإشغالها لقوات سوريا الديمقراطية، شريكِ التحالف الدولي لهزيمة داعش، فهذه الهجمات بمثابة نفخ الروح في جسد “داعش”، بحسب المحلل العراقي.
ويوافقه الرأي، المحلل السياسي السوري، “تصريحات أردوغان واستهدافاته للإدارة الذاتية ولقوات قسد، تقوي من شوكة داعش، ويبدو أن تركيا لا تحسب أن هجماتها لها ارتدادات عكسية على مخيم الهول الذي من الممكن أن يتفلت المشهد الأمني فيه في أي لحظة”.
ووسط استمرار الأعمال القتالية بين فصائل “الجيش الوطني” المدعومة من تركيا و”قسد” في شمال شرق سوريا، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في كلمة له بالبرلمان التركي، الأربعاء، أنه يتعين على المسحلين الأكراد في سوريا إلقاء أسلحتهم و”إلّا فإنهم سيدفنون في الأراضي السورية مع أسلحتهم”.
وكان القائد العام ل” قسد”، مظلوم عبدي، قال في تصريحات صحفية، إن قواته المؤلفة من 100 ألف مقاتل مستعدة لحل نفسها والانضمام إلى جيش سوريا الجديد، بشرط ضمان حقوق الأكراد والأقليات، مطالباً بأن تكون سوريا لا مركزية.
عمليات أمنية في سوريا والعراق يراقب الحدود
ونفذت قوى الأمن الداخلي (الأسايش) في الإدارة الذاتية بالتعاون مع “قسد”، سلسلة عمليات أمنية داخل مخيم الهول ضد خلايا “داعش”، تم من خلالها الكشف عن أنفاق وأسلحة، إضافة لإحباط محاولات هروب من داخل المخيم. يقول شلش: ” بعد العمليات الأمنية لقسد، العراق يراقب الحدود المشتركة مع سوريا، الممتدة لأكثر من 300 كيلومتر، بهدف منع تسلل عناصر التنظيم إلى الأراضي العراقية”.
ويؤكد على أنه “يجب على الإدارة الجديدة في دمشق أن تطالب بدورها الدول من استعادة رعاياها من المخيم، وكذلك يجب السيطرة على المخيم دولياً، وعلى العراق استلام الدواعش العراقيين ومحاسبتهم وفق القانون العراقي”.
وبحسب بيان لمستشارية الأمن القومي، في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، فقد بلغت أعداد العائلات العائدة من الهول إلى العراق، أكثر من 2600 عائلة، حيث أعيدت أكثر من 2000 عائلة إلى مناطقها الأصلية، فيما تبقت 600 عائلة وهي الآن تخضع للتأهيل، تمهيداً لإعادتها وإعطائها فرصة للحياة من جديد.
وبحسب أرقام إدارة المخيم في عام 2024، يضم مخيم الهول الواقع في محافظة الحسكة بشمال شرق سوريا، أكثر من 43 ألف شخص من 45 دولة على الأقل، وجميع هؤلاء من أفراد عائلات عناصر تنظيم “داعش”، كما يحوي على 3 آلاف رجل في الجزء المخصص للعراقيين والسوريين، بينهم نازحون ولاجئون، ومنهم من تلاحقه شبهات بالعمل لصالح التنظيم.
اقرأ أيضاً: العراق يستعيد المئات من مواطنيه من مخيم الهول شرق سوريا
“بؤرة متطرفة”
بدوره، وصف المختص بالشؤون العسكرية والاستراتيجية، صفاء الأعسم، مخيم الهول ب”البؤرة الفاسدة المتطرفة المحملة بالأفكار الداعشية الخطيرة”. موضحاً أن “المخيم يضم عدداً كبيراً من أطفال يتحوّلون تدريجياً إلى براميل بارود قابلة للانفجار في أي لحظة، كونها تعيش في بيئة حاضنة للكراهية والإرهاب”.
ويقول الأعسم في حديث خاص معه، أن “إعلاميين أجانب ذهبوا إلى مخيم الهول وشاهدوا كيف يتم تعليم الأطفال ليكونوا قتلة محترفين، ورغم ذلك لم يحرك المجتمع الدولي ساكناً متجاهلاً مناشدات قسد المتعلقة بإنشاء محاكم لمحاكمة عناصر التنظيم وحل قضية عوائلهم الموجودة بالمخيم”.
وناشدت سلطات الإدارة الذاتية والولايات المتحدة الأميركية الدول الأعضاء بالتحالف الدولي وحكومات غربية وعربية استعادة رعاياها، غير أن معظم الدول امتنعت عن استعادة مواطنيها، وأرجعت ذلك لأسباب أمنية أو سعت لتجريدهم من الجنسية.
الكاتبة: هولير حكيم