بعد قرار المحكمة الجنائية الدولية اعتقال نتنياهو د/ جمال زحالقة الكاتب والمفكر السياسي الفلسطيني ونائب الحزب الوطني الديمقراطي في الكنيست الإسرائيلي في حوار خاص
– قرار المحكمة الجنائية الدولية سوف يكون أفضل بكثير إذا تم استغلاله بالشكل الصحيح لفضح ممارسات إسرائيل .
– في حالة فشل المنظومة الأمنية الإسرائيلية في اعتراض صواريخ حزب الله سوف تقوم باحتلال جنوب لبنان بأكمله.
في الوقت الذي تستمر فيه المذابح والغارات الإسرائيلية المدمرة في كل من غزة ولبنان أصدرت المحكمة الجنائية الدولية قرارا باعتقال نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل لمحاكمته كمجرم حرب على الجرائم التي ارتكبتها ضد المدنيين في كل من غزة ولبنان وعن تقييمه لهذا القرار وانعكاساته كان لنا هذا الحوار مع د. جمال زحالقة الكاتب والمفكر السياسي الفلسطيني ونائب الحزب الوطني الديمقراطي في الكنيست الإسرائيلي:-
– كيف تقيم القرار الذي اتخذته المحكمة الجنائية الدولية ضد نتنياهو؟ وما مدى تأثيره وإمكانية تطبيقه على أرض الواقع؟
القرار الذي اتخذته المحكمة الجنائية الدولية هو صفعة مدوية لإسرائيل ولنتنياهو، وضربة قوية لمكانة الدولة الصهيونية الدولية. لقد كانت إسرائيل على مدى عقود طويلة “الابن المدلل” للغرب، الذي حماها من المحاسبة، لكنّه تمادت في عدوانها وفي جرائمها مما اضطر الجنائية الدولية لاتخاذ قرار الاعتقال. القرار بحد ذاته مهم، لكنه يصبح أهم بكثير إذا جرى استغلاله بالشكل الصحيح لفضح حقيقة ما تقوم به إسرائيل من انتهاكات للأعراف الدولية وللبرهنة على أنّها كيان مارق يخرق القانون الدولي بالجملة. يجب ان تكون مذكرات الاعتقال ضد نتنياهو ووزير أمنه السابق يوآف غالانت، نقطة الانطلاق وليس خط النهاية. وإذا كان نتنياهو وغالانت قد خططا، كما قالت المحكمة، فهناك من نفّذ من قيادات الجيش والمحكمة مطالبة بإصدار مذكرات اعتقال ضد كل المتورّطين في الجريمة.
– مع تولي إدارة ترامب مسئولية الحكم. هل تتوقع أن تعمل الإدارة الجديدة على استكمال صفقة القرن والذي وضع أساسها ترامب في ولايته الأولى؟ وما هي إمكانية تنفيذها على أرض الواقع؟
الأشخاص الذين اختارهم ترامب لتولي مناصب الآمن القومي ذات الصلة بالقضية الفلسطينية والشرق الأوسط، هم جميعا من أنصار اليمين المتطرف في إسرائيل، ويرشح من تصريحاتهم أن إسرائيل تستحق أكثر مما اعطتها صفقة القرن. فالسفير الأمريكي الجديد في إسرائيل هو من أشد المتحمسين للاستيطان ويتبنّى مبدأ “كل أرض إسرائيل لشعب إسرائيل”. وهو يتبع التيار المسيحي الصهيوني، الذي لا يرى أن للفلسطينيين حقوقا سياسية. هذا السفير يعبّر عن اتجاه الريح في إدارة ترامب، وعليه فإن هذه الإدارة قد تأتي بما هو أسوأ من صفقة القرن.
– في ظل الحديث عن اليوم التالي لانتهاء الحرب على غزة، ما هي رؤيتكم للسيناريو المتوقع؟ وما هي إمكانية استبعاد حماس من المشاركة في حكم غزة في المرحلة القادمة؟
ليس واضحا متى ستنتهي الحرب ومتى سيكون اليوم التالي. لقد وضعت إسرائيل هدف الحرب “تقويض سلطة حماس وتفكيك قدراتها العسكرية”، وأعلنت بأنها ستواصل الحرب إلى حين تحقيق هذا الهدف. هي إلى الآن فشلت في ذلك وعليه تواصل الحرب. معنى ذلك أن الحرب قد تمتد لسنوات، وأن الاحتلال الإسرائيلي سيكون عمليا في اليوم التالي والذي يليه.
لقد أعلنت حماس أنّها لن تعود الى حكم غزة، ودعت إلى تشكيل حكومة تكنوقراط فلسطينية، يجري تعيينها بالتوافق بين كافة الفصائل. اعتقد أن المطلوب هو وحدة وطنية فلسطينية تقطع الطريق على المؤامرات التي تحاك لتصفية القضية الفلسطينية. صحيح أن إسرائيل والولايات المتحدة ستفرضان عقوبات على السلطة الفلسطينية في حال تحقيق الوحدة، لكن هذا ثمن يجب تحمّله، ومن ليس على استعداد لدفع ثمن يفقد حرية الإرادة.
– هل ترى أن تعمل إسرائيل على إنشاء منطقة أمنية في شمال غزة وتوسيع دائرة مستعمراتها في شمال غزة؟
هناك نقاش في إسرائيل بالنسبة ما الذي يجب عمله في شمال قطاع غزة. هناك خطة الجنرالات، التي تدعو لإخلاء كامل للمنطقة وتطهيرها من المدنيين والمقاتلين، واستعمالها كورقة ضغط على حركة حماس لحملها على تقديم تنازلات بشأن المحتجزين. وهناك من يدعو لاحتلالها بشكل دائم وحتى للاستيطان فيها. اعتقد أن نتنياهو ينتظر دخول ترامب للبيت الأبيض للتنسيق معه في تفاصيل مستقبل غزة والضفة. الحقيقة أن ما تفعله إسرائيل في شمال غزة هو جرائم في غاية الوضوح، لكن ليس واضحا كيف سينتهي الخلاف بين العسكر الذين يريدون وقف العمليات العسكرية والمستوى السياسي (نتنياهو) الذي يريدها حربا لأجل غير مسمّى.
– في ظل الاجتماعات التي عقدت بالقاهرة بين حركتي فتح وحماس، هل تتوقع أن تثمر تلك الاجتماعات عن مصالحة حقيقية بين الطرفين والتنسيق بينهما في المرحلة القادمة؟
لقد عقد عشرات اللقاءات بين فتح وحماس في القاهرة وفي أماكن أخرى، وكانت هناك تفاهمات واتفاقات، لكنها بقيت حبرا على ورق. لكن الحاجة للمصالحة وللوحدة الفلسطينية أصبحت أكثر إلحاحا ولزوما في ظل حرب الإبادة في غزة وفوز ترامب بالرئاسة الأمريكية. توقعاتي هي “التشاؤم الحذر”، أي أنني لا أعوّل على اللقاءات وبيانات قرب المصالحة، لكن أبقي على فتحة صغيرة من الحذر في التشاؤم فلربما يأتي الفرج على عكس ما أتوقّع.
– ما مدى فاعلية الصواريخ التي أطلقتها المقاومة اللبنانية على المدن الإسرائيلية في أراضي عام 1948؟
تمتلك إسرائيل منظومات متطورة مضادة للصواريخ، وهي تسقط معظم الصواريخ التي يجري إطلاقها من لبنان. لكن بعضها يسقط في المدن وفي بعض المرافق الحيوية ويترك أضرارا كبيرة. كما أجبرت هذه الصواريخ حوالي 100 ألف إسرائيل إلى ترك منازلهم في البلدات الحدودية، وهي تؤدي يوميا إلى دخول حوالي مليون إسرائيل إلى الملاجئ والغرف الآمنة. لم تعد إسرائيل تتحمّل استمرار هذه الحال، وتسعى إلى التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، وإن فشلت في ذلك فهي ستوسّع الحرب وستحاول احتلال جنوب لبنان بالكامل.
– كيف ترى تأثير عرب 48 والكتلة العربية في الكنيست الإسرائيلي على صانع القرار في إسرائيل؟
تأثير الكتل العربية في الكنيست على اتخاذ القرار محدود جدا في الأيام العادية، فما بالك أيام الحرب. ما يقوم به النواب العرب هو الاحتجاج وإسماع صوت قوي ضد الحرب والعدوان والقتل والدمار.
– في النهاية ما هي رؤيتك لأفضل السبل للعالمين العربي والإسلامي في مواجهة الوضع الراهن؟
منذ سنوات وأنا أطرح فكرة تفاهم عربي-تركي-إيراني، لحل مشاكل المنطقة ودعم الشعب الفلسطيني. اعتقد أن مصلحة الجميع أن يحصل مثل هذا التفاهم، وهو يفتح الباب لحل مشاكل اليمن وسوريا ولبنان والعراق وليبيا والسودان، فضال عن توفير “ظهر” للشعب الفلسطيني، الذي يواجه إسرائيل وفي ظهرها الولايات المتحدة. قد يبدو هذا الطرح بعيد المنال، لكن نقطة البداية أن لا تناقض تناحري بين الفرس والعرب والأتراك، بل هناك مصالح مشتركة وتقارب ثقافي وديني وجيوسياسي.
حاوره/ مصطفى عماره