تجديد الخطاب الديني والغزو الثقافي والفكري لمصر
كتب-مصطفي عمارة
عقب نجاح مصر في توجيه ضربه عسكرية لإسرائيل أثناء حرب أكتوبر أدركت إسرائيل أن هزيمة مصر من خلال المواجهات العسكرية شبه مستحيل حتى لو استطاعت إسرائيل هزيمة مصر في معركة فإن مصر لن تسكت عن استرجاع حقوقها كما حدث بعد هزيمة يونيو 1967 وكان على إسرائيل تغيير أسلوب المواجهة من خلال الغزو الثقافي والفكري للمجتمع المصري بما يؤثر على عقائده وقيمه وتقاليده من أجل هزيمة الإنسان المصري من الداخل حتى يسهل بعد ذلك هزيمته في أي مواجهة عسكرية وبدأت إسرائيل تلك المعركة مبكرا فعقب توقيع مصر لمعاهدة كامب ديفيد تظاهر آلاف أقباط المهجر أمام البيت الأبيض مطالبين الرئيس كارتر بالضغط على مصر من أجل إعطاء حقوق الأقباط في مصر من خلال السماح ببناء الكنائس والمساواه في التعيين بالمناصب القيادية وفي وسائل الإعلام وأدرك السادات بفطنته أن هناك مؤامرة يقودها اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة للضغط على مصر من خلال استخدام سلاح المعونات الأمريكية وكان السادات حازما وقال أمام مجلس الأمة المصري أنه لن يقبل الضغوط وأنه رئيس مسلم لدولة إسلامية وكان لابد من التخلص من السادات والاتيان برئيس آخر ينصاع للضغوط الأمريكية فكانت مؤامرة إغتيال السادات والتي تشير الدلائل إلى تورط المخابرات الأمريكية فيها ، ومع تزايد التغلغل الأمريكي الصهيوني في مصر من خلال استخدام المعونات للضغط عليها أصبح واضحا أن أي رئيس لمصر لن يأتي إلا برضى أمريكا وإسرائيل لأن البلدان لن يسمحا أن يحكم مصر نظام وطني معادي لإسرائيل وتوجهاتها في المنطقة وبدأت الضغوط الأمريكية تتزايد على مصر في عهد مبارك وأذكر أن د. سالم عبد الجليل في حوار أجريناه معه أن أمريكا طلبت من مبارك تطوير الخطاب الديني من خلال عدم تدريس الآيات والأحاديث التي تحض على كراهية اليهود وإطلاق حرية بناء الكنائس وإعطاء حقوق أكبر للمرأة أي أن تطوير الخطاب الديني هو مطلب أمريكي وليس مصري وعقب سقوط حكم الإخوان وبداية الإعداد لتولي السيسي مقاليد الحكم أجريت حوارا مع د. هيثم الخطيب رئيس ائتلاف شباب الثورة وكان على ثقة وثيقة بالمجلس العسكري أكد فيه أن أمريكا سوف تدعم نظام السيسي مقابل التساهل في ملف سد النهضة ورغم عدم وجود وثائق مسربة تؤكد ذلك إلا أن التساهل المصري مع أثيوبيا في هذا الملف يضفي المزيد من الشكوك حول صدق هذا التصريح ولاشك أن تزايد الديون الخارجية والتي وصلت مع فوائدها إلى 150 مليار دولار سوف يؤدي إلى انصياع مصر في النهاية للمطالب الأمريكية لأن من لا يملك قوته لا يملك حريته وهو ما ظهر جليا في التوجهات نحو تمكين المرأة بما يؤثر في النهاية على قوامة الرجل فضلا عن مطالبات جمعيات حقوق المرأة وبعض النائبات بمساواة المرأة والرجل حتى في الميراث وكان آخر تلك المطالب مطالبة وفد من حقوق الإنسان في الخارج لمصر بالسماح بالعلاقات الجنسية بعيدا عن العلاقات الزوجية والسماح بممارسة المثلية بين الجنس الواحد ولم يكن غريبا أن ينعكس كل هذا على تماسك الأسرة والعلاقات الزوجية فارتفعت نسبة الطلاق بصورة كبيرة وازدادت الجرائم الأسرية التي لم نكن نسمع عنها في المجتمع المصري ولاشك أن هذا المخطط الخطير الذي تستخدم فيه أطراف داخلية في مراكز صنع القرار ووسائل الإعلام سوف يؤدي في النهاية إلى إنهيار المجتمع المصري من الداخل وتصبح مصر فريسة سهلة لأعداء الوطن والدين ولاشك أن المرحلة الحرجة التي تمر بها مصر حاليا تتطلب وقفة من الشرفاء سواء أكان ذلك في المؤسسات الدينية وعلى رأسها الأزهر ووسائل الإعلام للتصدي لتلك المؤامرة التي تهدد حاضرنا ومستقبلنا .