لا تجعل من نفسك نسخة من الأخرين
رحلة الحياة تبدأ وتنتهي بتأثر الإنسان بما حوله وبمن حوله من أشخاص وأحداث، فالإنسان المتوازن يتأثر ويؤثر، وأحياناً يترجم التأثر بالآخرين تقليداً لتصرفاتهم وثيابهم، وهذا يعد نوعاً من التكيف الاجتماعي أو القدوة، ولكن المشكلة تبدأ عندما يتحول التقليد إلى منهج حياة، دون وعي أو تقييم لمدى مناسبته للشخص المقلد، ففي هذه الحالة يتحول الأمر إلى تقليد أعمى وهو المعنى المرضي للتقليد، لأنه لا يقوم على منطق أو تفكير عقلاني، وإنما هو انجراف لسلوك قد يناسب صاحبه، ولكنه لا يناسب الجميع.
ونلاحظ أن هذه الظاهرة من التقليد تبرز بشكل واسع في سلوك الشباب، أو إلى الأغلبية منهم، وأن نرجع هذا إلى التأثر المباشر بالثقافات المستوردة التي تتقاذف عليهم من كل صوب، بفضل تكنولوجيا الاتصالات، ووسائل الإعلام، ولكن إذا كان الانبهار هو سبب تقليد الشباب لأزياء وصيحات الغرب . لذلك نجد أن التقليد يأخذ شكلين أما الإيجابي أو السلبي ويظهر الفروق بينهما حيث أن كلاهما يتميز بخصائص تجعله ينفرد عن الأخر ويتبن ذلك في أن التقليد الإيجابي يكمن ما أن يكون هدفه سامياً جليلاً وهذا ما يسمى بالتقليد المطلوب أو الجائز والمباح، فمثلاً من التقليد المطلوب والمحبب إلينا هو تقليد سيد البشرية محمد عليه الصلاة والسلام والتأسي به؛ فهو لنا النبراس المضيء في حياتنا، هو القدوة التي يجب على كل مسلم ومسلمة الاقتداء بها، وهل هناك أفضل من اتباع رسولنا الكريم وتقليده في كل ما ورد عنه عليه أفضل الصلاة والتسليم.
أما التقليد السلبي فهو التقليد الأعمى أو ما نستطيع أن نطلق عليه التقليد المذموم والمكروه والمنهي عنه في الإسلام. ألا هو التقليد والاقتداء بمن هم ليسوا أهلاً لأن يكونوا قدوة ومثالاً حسناً يحتذى بهم، هذا التقليد هو الذي يوصل الناس للهاوية. إنه يؤدي إلى إلغاء التفكير تماماً؛ لأن الهدف الأساسي منه هو تقليد الآخرين دون أدنى تقدير لنتائج هذا التقليد. وقد يكون اتباعاً للسفهاء فيما يفعلون أو يقولون أو في أيّ من الأمور السخيفة الأخرى، كأن يكون في الملبس أو المظهر أو حتى في طريقة الحياة بغض النظر عما إن كان ما يقلد يتناسب مع طبيعة الحياة أو مع ثقافة المجتمع.
ويعود أسباب التقليد السلبي نتيجة التربية غير السليمة بحيث ينشأ الطفل ويكبر بدون رقابة وتوجيه الأهل مما قد يؤدي بهم إلى التشبه بالغير ،و الانفتاح غير المقيد على ثقافات ومجتمعات أخرى في كافة أرجاء المعمورة وخاصة بعد التطور الهائل، البعد عن الدين وأصوله ، و عدم وجود القدوة الحسنة في حياة الشباب أحياناً ، و عدم الثقة بالنفس وحب الظهور ولفت الانتباه من حوله لذلك لابد أن نحرص على كل أحبتنا بنشر الوعي بخطورة التقليد بلا تفكر أو احترام لقيمنا وعادتنا التي تميز مجتمعاتنا عن غيرها . وهذا من خلال اتباع خطوات الحد من هذا التقليد التي تتمثل في :
– تقوية الوازع الديني عند أبنائنا وتربيتهم التربية السليمة بحيث ينشأوا على طاعة الرحمن واتباع قدوتنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم وسيرته العطرة. قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} . و فتح باب الحوار بين الأهل والأبناء ومراقبة سلوك الأبناء ومعرفة أصدقائهم وتأثيرهم وتنبيههم لخطر التقليد الأعم. ونشر الوعي والثقافة بين الناس وخاصة فئة الشباب منهم وذلك عن طريق الإعلام الهادف لذلك لابد أن نحمي ونوجه أبناء ثروة المستقبل
المستشارة / عائشة البيرق